0020
0020
previous arrow
next arrow

«أريد أن أتكلم… بس» معرض في لبنان بين صمت مطبق وتعبير غير مألوف

 

 

وكالة الناس – في مهمتها الأول كمنسقة معارض فنية خطر لميليسا غزالة البحث في جعبة فنانين لم يبتعدوا كثيراً عن عمر المراهقة. وهكذا كان اللقاء المباشر مع 13 فناناً لبنانياً عبّروا بطرق بصرية وسمعية وملموسة، عن مرحلة حسّاسة من عمر البشر. «لا أريد أن أتكلم.. بس» عنوان ظلل أعمال هؤلاء الشباب المحتفظين بالكثير من عمر المراهقة في سلوكهم أو في فنهم. وتتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً.

ترى ميليسا غزالة أن العامل المشترك بين عمر المراهقة وما نعيشه كلبنانيين حالياً يتمثل بثيمة «الصراع».
وتقول: نحن في صراع مع النظام المُسقط علينا ومع الواقع الراهن. وهكذا وجدت ستيفاني كوروك أن مقتنيات كثيرة حيث تعيش في منزل والديها القديم تعيق رغبتها بالتعبير والحركة. قررت البدء بالإستغناء عن الكثير منها. نفّذت القرار أمام عين الكاميرا.

واكتشفت أن الكمبيوتر المحمول «مفوّل» فراحت تزيل ما لا تحتاجه. جمعت كتاباتها وحولتها لمادة بصرية. لهذا اكتسبت زاويتها عنوان «خارج المكان» فالمكان المحتشد بالمقتنيات يمنع التقدم، والتخلص من بعض القديم ضرورة.

نادر بحسون من مدينة صور يمتهن التصوير الفوتوغرافي. لغته البصرية تنهل من الشرق، ومن الجذور. وجسّدت مهندسة الديكور ومصممة المفروشات شيرين سبيتي في تصميمها سحق الرأسمالية للبشر، ومحاولاتهم لإعادة البناء من خلال سيرة الدي أن آي، وأسمت رسمها المميز ب «سورفايفر مود».

بطريقة الفيديو تعاون المخرج أوليفيه نمنم ومصممة الأزياء كلوديا خشن وقدما فيلماً إحتشدت فيه الصراعات التي يعيشها المراهقون للتعبير عن ذاتهم. وهذا ما وجد طريقه للتطبيق عبر الملابس غير النمطية، وأسلوب العيش في الإطار الخاص المقفل، والعام المفتوح.

وفي سؤال فلسفي سألت آية قازون عن المدى الزمني للأبدية، وخطّت الأيام على الجدار تماماً كما يفعل السجناء. النهاية من وجهة نظرها تكمن في التحول. وجد سيرج غزالة حالنا شبيهاً بإلتهابات الرئة، والخروج منه ليس سهلاً. بالغ في استعمال الأشرطة التي ذكرتنا بمرضى كورونا وأجهزة التنفس، وبحال إحتضار البشر والبنية التحتية في لبنان.

«صوت السلام» مقتطفات موسيقية وضعها مروان طعمة بتصرّف زوار المعرض، وأتاح لهم تغيير الصوت، وابتكار موسيقاهم الخاصة.

وإلى عالم آخر راحت سيلين سيتا رحمة حيث جذبتها الروائح. ليس فقط ابتكار الروائح الجميلة، بل تعطي لكل راغب رائحته الشخصية. كذلك تُمكنها الرائحة من تكوين انسان يشبهها. وهكذا عبّرت سيلين عن ذاتها بتحقيق رغبة قديمة هي التمثّل بالروائح، وتنفيذ رغبات الآخرين باختراع روائح تشبه شخصياتهم.

يارا أسمر تصنع الماريونات والألعاب. وفي مشاركتها في معرض «أريد أن أتكلم..بس» ظهرت النموسية للوهلة الأولى وخلفها بدت أشياء أخرى، وصفتها ميليسا غزالة بالخطرة. يارا تجمع كل قديم وتصنع عالمها الخاص، ومرحلة الطفولة تأبى أن تغادرها. من سرير الطفولة إلى سرير المحلل النفسي، فقد تخصص مارك غزالة بالعلوم الإجتماعية، ودرس العلوم السياسية، وينوي قريباً دراسة علوم الأنتروبولوجيا. تجهيزه يعود إلى المراهقة وعلاقته بوالده. أراد القول بعجزنا عن اخبار قصتنا كبشر، لأننا نعيش الماضي كما ولو أنه كابوس ونعجز في اخباره حتى وإن استقبلنا سرير المحلل النفسي.

إحتلت رسوم ساكو سيسيليان عن الوجوه مساحة كبيرة. كان حاضراً خلال زيارة القدس العربي للمعرض. شرح إنجذابه إلى الوجوه بالقول: قبل ثلاث سنوات مرّ حدث في حياتي، ووجدتني أخوض غمار أزمة الهوية، وبدأت العمل على الوجه فيـــما كان عملي السابق مجرداً. سألت نفسي من أنا؟ وجهي أم التعابير الظاهرة؟ وبدأت العمل على تفاصيل الوجه، ولم أجد بعد جواباً. مع كل وجه جديد أجد الحياة أصعب. وتحديد الهوية ليس متيسراً فنحن في تغيير يومي، يدخل جديد إلى شخصياتنا، ونتخلى بإرادتنا عن أشياء منا.

ما قبل الختام مع عبد اللطيف خليفة ـ 18 سنة ـ تقول ميليسا غزالة: صـــدفة جمعتني به في رواق. وجدته يأكل خلفي فقلت له ملابسك جميلة. شكرني وأخبرني أنه بصدد الرسم في الطابق الأرضي ودعاني لمشاهدته.

تفحصت دفتره، وكيف كتب ورسم منذ كان صغيراً. دوّن مشاعره حيال انقطاع الــكهرباء بقصائد عدّة، وكان اصغر المشاركين في المعرض. والخاتمة كانت مع تاليا باسيم التي أعدت عرض فيديو من ثلاث شاشات، يعلن وبــالصورة استحالة أن يكون أحدنا شخصاً واحداً، وكيف لكل منا أن يحتلّ مساحته في الحياة.

في معرض «أريد أن أتكلم.. بس» عبّر الفنانون عن آرائهم بطرق عدّة متاحة، متداولة أو مبتكرة وتركوا للمشاهد أن يقرأ ويقول مشاعره. معرض يشبه حالتنا اللبنانية، استضافه زيكو هاوس، وأتاح للجمهور مســاحة تـــعبير واضحة.