صدور كتاب (الإعلام في زمن كورونا) لـ د. بتول السيد
وكالة الناس – صدر حديثاً عن دار الجنان للطباعة والنشر والتوزيع في عمّان، الأردن كتاب (الإعلام في زمن كورونا) للباحثة الإعلامية البحرينية الدكتورة بتول السيد مصطفى. ويتضمن الكتاب في فصله الأول مدخلًا نظريًّا موسعًا يتكون من شقّين:
الأول يُعطي نبذة تعريفية عن جائحة “كورونا”، وكيفية إدارتها كأزمة، ويطرح أهم التدابير المُتخذة لمواجهتها، وأبرز التداعيات المترتبة عليها.
والثاني يستعرض التناول الإعلامي للجائحة، انطلاقًا من الإعلام الصحي تحديدًا، وإعلام الأزمات، ومن ثم الإعلام التقليدي والجديد.
كما يتضمن الكتاب في فصله الثاني إطارًا تطبيقيًّا، يضمّ ثلاث دراسات مسحية: الأولى حول استخدامات الجمهور البحريني لمصادر المعلومات عن “كورونا” وتأثيراتها، والثانية حول تأثيرات الإعلام المحلي على الجمهور اليمني في أزمة “كورونا”، والثالثة حول اتجاهات النُخب العربية نحو الخطاب الإعلامي لمنظمة الصحة العالمية خلال جائحة “كورونا”.
وتُعتبر هذه الدراسات الثلاث من أوائل الدراسات التي أُعدَّت في موضوعها، وهنا تكمن أهميتها، لذا فمن المؤمل أن تفتح أفقًا لإعداد دراسات تحليليّة أخرى مستقبلًا؛ باعتبار المسح مُكملًا للتحليل، فضلًا عن إفادة الباحثين والمهتمين والمعنيين في القطاعين الإعلامي والصحي خصوصًا، من مضمونها العام، والنتائج التي خلصت إليها.
وبحسب المؤلفة فإن ما خلص إليه الإطار التطبيقي يؤكد أهمية الإعلام الصحي في إدارة الأزمات الصحية، مُمثَّلة في أزمة “كورونا”، وضرورة التقييم المستمر للسياسات والخطط الاستراتيجية الإعلامية؛ وذلك بغرض الحد من أضرارها قدر الإمكان، وتجنب أيّ إرباك قد تتسبب في حدوثه على شتى الصُعد.
كما أن مسح الجمهور أظهر في الغالب نتائج تميل إلى الإيجابية، لاسيما على مستوى التأثيرات المعرفية والعاطفية والنفسية والسلوكية، وهو أمر لافت في التعاطي القائم بين مصادر المعلومات والجمهور في الواقع، بخلاف الانطباع الشائع والصورة المطروحة إعلاميًّا، ولعل ذلك يرجع في أحد جوانبه إلى الوعي الجمعي والمعلوماتي الذي تعزز مع طول مدة انتشار الوباء، واستمرار الأزمة، ما يُحتّم ضرورة التعايش معها، وسط تدابير وقائية، بعيدًا عن التهويل والتهوين.
وتشير في الكتاب إلى أنه في زمن انتشار فيروس “كورونا” أو مرض “كوفيد 19″، وما عُرف لاحقًا بالجائحة نظير سرعة تفشي الوباء وصعوبة احتوائه على مستوى العالم، بات الإعلام مصدرًا مهمًا للمعلومات التي شهدت جدلًا وتضاربًا استمر طويلًا، نظراُ لكون الفيروس لا يزال مجهولًا وغامضًا، ولم يُعرف الكثير عنه بعد، ما جعله يُمثّل مصدر شك وحيرة حتى الآن.
ولا ريب في أن هذه الظروف قد انعكست على المعالجة الإعلامية للجائحة، وعلى الخطاب الإعلامي الخاص بها، سواء ارتبط بأفراد أو منظمات أو وسائل ووسائط إعلامية. لذا، بات الأمر يتطلب بذل المزيد من الجهد من قِبل تلك الأطراف كافة، بهدف تعزيز المسؤولية وترسيخ إيجابية الرسائل الاتصالية، وما يتبعها من تأثيرات؛ فالأزمة مع هذا الفيروس مرتبطة بمسألة حياة أو موت، وليست اعتيادية.
وترى أن الأزمة أو الجائحة قد فرضت واقعًا إعلاميًّا جديدًا بكل المقاييس، ومثَّلت اختبارًا حقيقيًا لوسائل الإعلام على صعيد مهني وإنساني، وذلك أخذًا في الاعتبار التدفق الغزير للمعلومات عنها، ما يتطلب إعلامًا قويًّا قادرًا على مواجهتها، وجمهورًا نشطًا قادرًا على غربلتها.
كما شهد الإعلام تغيرًا جذريًّا في وظائفه وأجنداته ورسائله، إذ تقدمت المسؤولية على حساب الفوضى والعشوائية، وتضاعف الاهتمام بالمضامين الجدية في قبالة المعالجات الترفيهية، وبرزت العقلانية في مواجهة العاطفة، وإن كان ذلك مرتبطًا بمتغيرات عدة، كالاستقلالية وتنوع مصادر المعلومات، وأنماط الممارسات أو المعالجات الإعلامية، فضلًا عن عناصر الجاذبية والمصداقية والنفوذ.
وتؤكد في الكتاب أنه خلال أزمة انتشار فيروس “كورونا” في العالم أو ما سُميت بالجائحة التي لا تزال مستمرة، ولكونها تمثل حدثًا مفاجئًا استثنائيًّا وأزمة صحية غير مسبوقة، أصبح الإعلام أحد أبرز أذرع المواجهة معها، مضطلَّعًا بمسؤوليات أكبر ومهام مُضاعفة ذات تأثيرات مباشرة على الجوانب المعرفية والوجدانية والسلوكية للجمهور المُتلقي، الذي نشط بدوره أيضًا في مجال التعرض الانتقائي بما يُشبع ويُلبّي احتياجاته ودوافعه، أخذًا في الاعتبار فرضية زيادة تعرضه واعتماده على الإعلام في أوقات الأزمات، بغرض استقاء المزيد من المعلومات، خاصة وأنها تمسُّ حياته بشكل مباشر وحساس.
في المقابل، كان للأجندات السياسية والظروف المادية لوسائل الإعلام، وغيرها من مصادر المعلومات، تأثير في ماهية الرسائل والمضامين المُقدمة من خلالها إلى الجمهور، وآلية تناولها وطرق طرحها والتعاطي معها، لاسيما أن للجائحة تداعيات ومآلات عدة شملت هذا المجال، وتحولت إلى تحديات، ما جعلها تمثل اختبارًا حقيقيًا للإعلام في زمن “كورونا”.
وفي ذلك تمييزٌ بين وسائل الإعلام الحكومية الرسمية أو الأهلية الخاصة، وكذلك بين الوسائل التقليدية، مُمثلة بالصحف والإذاعة والتلفاز والكتب والمجلات وغيرها، والجديدة مُمثلة بمواقع الإعلام التفاعلي والتواصل الاجتماعي، إذ لكل منها مقومات واعتبارات في بث ونشر المعلومات، أبرزها ذات صلة بمساحة الحرية، فضلًا عن درجة الصدق والثقة التي تتمتع بها، هذا بخلاف وسائل الاتصال الشخصي المباشر مُمثلًا في الغالب بالجماعات المرجعية.