0020
0020
previous arrow
next arrow

بيروت مدينة منكوبة.. و300 ألف بلا مأوى

وكالة الناس –  استفاق اللبنانيون أمس على وقع صدمة انفجار ضخم أسفر عن مقتل 113 شخصا وإصابة أربعة آلاف بجروح وتشريد 300 ألف، فيما يواصل رجال الإنقاذ محاولات العثور على ضحايا وسط الركام في مرفأ بيروت والمباني المدمرة.
وأعلنت السلطات العاصمة اللبنانية بيروت مدينة “منكوبة” بعد الانفجار الذي قالت الحكومة إنه نتج عن تخزين 2750 طنا من مادة نيترات الأمونيوم في مستودع في مرفأ بيروت، فيما قال المعهد الأميركي للجيوفيزياء إنّه سُجّل كزلزال بقوة 3,3 درجات على مقياس ريختر.
وطلبت الحكومة اللبنانية أمس فرض “الإقامة الجبرية” على كل المعنيين بملف نيترات الأمونيوم الذي تسببت كميات كبيرة منه مخزّنة في مرفأ بيروت.
وقالت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد خلال تلاوة مقررات مجلس الوزراء إثر اجتماع استثنائي “يطلب من السلطة العسكرية العليا فرض الإقامة الجبرية على كل من أدار شؤون تخزين مادة الأمونيوم وحراستها ومحّص ملفاتها، أيا كان” منذ وصولها الى بيروت العام 2014 حتى تاريخ الانفجار. كما أعلنت حالة الطوارئ في بيروت لمدة اسبوعين، ما يعطي الجيش صلاحية تنفيذ هذا الأمر.
وأعلن الرئيس اللبناني ميشال عون المضي قدما في التحقيقات المرتبطة بالانفجار، ومحاسبة المسؤولين والمقصِّرين وإنزال أشد العقوبات بحقهم.
وقال في كلمة القاها أمس في الاجتماع الاستثنائي للحكومة اللبنانية، سنعلن بشفافية نتائج التحقيقات التي ستجريها لجنة التحقيق، مناشدا الدول الشقيقة والصديقة بالإسراع بالمساعدات لدعم المستشفيات والعائلات المنكوبة.
من جهته قال رئيس الحكومة حسان دياب إن ملف التحقيق أولوية، ونتائجه يجب أن تكون سريعة، داعيا إلى تكثيف عمليات انتشال الضحايا والبحث عن المفقودين ومعالجة الجرحى، وتأمين مأوى مؤقت لأصحاب المنازل المتضررة، وإطلاق عملية سريعة لمسح الأضرار، وصرف مساعدات عاجلة، وتأمين مساعدات لترميم المنازل والمكاتب.
إلى ذلك، كشف رئيس لجنة إدارة واستثمار مرفأ بيروت حسن قريطم أن إدارة المرفأ خزنت البضاعة التي انفجرت في مرفأ بيروت في العنبر رقم 12 داخل حرم المرفأ بناء على أمر قضائي سابق.
وقال في تصريح صحفي أمس”كنا نعلم بأن المواد المخزنة خطرة، وارسلت الجمارك وجهاز أمن الدولة مراسلات إلى القضاء لإزالة المواد المتفجرة أو تصديرها، ومنذ ست سنوات ننتظر أن يعالج الموضوع لكن دون جدوى.
واشار إلى أن إدارة المرفأ اصلحت قبل ظهر أول من أمس فجوة في بوابة العنبر الذي تسبب بالانفجار الهائل في بيروت، ولا تعلم ماذا جرى بعد ذلك.
وتوالت ردود الفعل من مختلف أنحاء العالم للتضامن مع لبنان فيما بدأ وصول المساعدات إثر الانفجار.
فقد أعربت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية أمس عن “حزنها العميق” للانفجار في رسالة تعزية إلى الرئيس اللبناني ميشال عون.
وكتبت الملكة البالغة 94 عاما في رسالتها “الأمير فيليب وأنا نشعر بحزن عميق للأخبار المتعلقة بالانفجار، “أفكارنا وصلواتنا مع عائلات وأصدقاء من أصيبوا بجروح أو خسروا حياتهم، ولكل من تضررت بيوتهم وسبل معيشتهم”.
وأفاد الصليب الأحمر اللبناني في آخر حصيلة أن فرقه ما تزال تقوم بعمليات بحث وإنقاذ في المناطق المحيطة بموقع الانفجار.
وقال محافظ بيروت مروان عبود أمس “أعتقد أن هناك بين 250 و300 ألف شخص باتوا من دون منازل، لأن منازلهم أصبحت غير صالحة للسكن”، مشيرا إلى أنه يقدر كلفة الأضرار بما بين ثلاثة وخمسة مليارات دولار، في انتظار أن تصدر التقارير النهائية عن المهندسين والخبراء.
وقال “نحو نصف بيروت تضرّر أو تدمر. إنه وضع كارثي لم تشهده بيروت في تاريخها”.
وفي مكان الانفجار الذي هزّ كل لبنان وصولا الى جزيرة قبرص على بعد 200 كلم، المشهد مأساوي. ركام، وبقايا دخان من حرائق، وعنابر لم تعد موجودة.
وعمل رجال الإنقاذ بدعم من عناصر الأمن طوال ليلة أمس بحثا عن ناجين أو ضحايا عالقين تحت الأنقاض. ووصلت المستشفيات التي تتعامل مع الإصابات بوباء كوفيد 19، الى أقصى طاقاتها الاستيعابية. وجال مصابون خلال الليل على مستشفيات عدة لم تكن قادرة على استقبالهم.
وقال إيلي زكريا الذي يسكن حي مار مخايل القريب من المرفأ مستذكرا ما حصل “لا أعرف ماذا أقول…. جحيم… لم نر في حياتنا مثل هذا. مشهد مروّع ومخيف”.
وأضاف “رأيت أشخاصا يصرخون وعليهم آثار دماء، منازل محطمة وزجاج على الطرق… كان الأمر أشبه بتسونامي او هيروشيما”.
وكانت معظم شوارع العاصمة أمس مليئة بحصى وزجاج وأوراق وأغراض طارت من المكاتب التي تحطمت ابوابها ونوافذها. كما كانت سيارات محترقة موجودة هنا وهناك. ووصلت الأضرار الى الضواحي والى مناطق بعيدة نسبيا عن مكان الانفجار.
وأعلن رئيس الحكومة اللبناني حسان دياب الحداد الوطني على “ضحايا الانفجار” لمدة ثلاثة ايام.
وقال خلال اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع أول من أمس “من غير المقبول أن تكون هناك شحنة من نيترات الأمونيوم تقدّر بـ2750 طنّا موجودة منذ ستّ سنوات في مستودع، من دون اتّخاذ إجراءات وقائية”، مضيفا “لن نرتاح حتى نجد المسؤول عما حصل ومحاسبته”.
وبدأت الأجهزة المعنية تحقيقا في الحادث.
وكان مصدر أمني قال إنّ المواد الموجودة في المستودع مصادرة منذ سنوات من باخرة في مرفأ بيروت حدث بها عطل، وموضوعة في “العنبر رقم 12 في المرفأ”، مشيرا الى أنه لم تتم “متابعتها بالشكل المطلوب”.
ويدخل الأمونيوم في تركيبة مواد شديدة الانفجار.
وبدأت المساعدات الطبية العاجلة والمستشفيات الميدانية الوصول إلى لبنان أمس بعد أن هرعت دول العالم إلى عرض مساعداتها وتقديم تعازيها إثر الانفجار.
ووصلت مساعدات من الكويت، بينما قامت فرق في قاعدة العديد الجوية في قطر بتحميل أسرة قابلة للطي ومولدات بالإضافة إلى معدات طبية اخرى على متن طائرة شحن قطرية، هي واحدة من أربع طائرات من المقرر أن تتجه أمس إلى لبنان.
وأعلنت فرنسا إرسال ثلاث طائرات محملة بأطنان من المساعدات الإنسانية.
وعرضت الولايات المتحدة أيضا المساعدة وكذلك المانيا.
وأعلنت السلطات الهولندية أنها أرسلت 67 عامل إغاثة إلى بيروت بينهم أطباء ورجال شرطة ورجال إطفاء.
وقدّمت روسيا والإمارات العربية المتحدة وسورية والكويت ومصر والجامعة العربية والأردن والعراق التعازي بالضحايا، فيما أكّدت إيران دعمها لبنان.
ويشهد لبنان حاليّاً أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، مع تدهور في سعر العملة، وقيود على الودائع المصرفيّة، وتضخّم وغلاء في الأسعار، إضافة الى خسارة الآلاف وظائفهم.
وأعلن رئيس الوزراء الاسترالي سكوت موريسون مقتل استرالي في انفجار بيروت
وقال موريسون في حديث مع برنامج “ذي توداي شو”، “بأسف شديد أبلغكم بأن استراليا قتل في هذا الانفجار الرهيب” بدون إعطاء المزيد من التفاصيل.
ويأتي الانفجار في وقت يعجز فيه اللبنانيون عن تأمين قوت يومهم بعد انهيار الاقتصاد في بلدهم يقف خلفه عدة أمور من بينها وباء كورونا ليضيف أزمة لازماتهم العنيدة.
ومنذ أشهر، يلجأ عدد متزايد من اللبنانيين الذين يعانون من جراء الانهيار الاقتصادي، إلى المنظمات الإنسانية التي كانت خدماتها مكرسة بشكل أساسي إلى نحو مليوني لاجئ سوري وفلسطيني يعيشون في لبنان.
لكن المنظمات غير الحكومية تتوقع الأسوأ بعد انفجار مرفأ بيروت، فقد بين رئيس ومؤسس “مؤسسة عامل الدولية” كامل مهنا “هذا زلزال. أعمل في المجال الإنساني في لبنان منذ 47 عاماً، ولم أر أبدا أمرا كهذا”.
وبات نصف اللبنانيين تقريباً يعيشون تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة 35 % من القوى العاملة.
وقرر برنامج الأغذية العالمي زيادة الدعم المخصص للبنانيين بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية، التي أعلنت مطلع الشهر الماضي دعم سلة غذائية.
ويهدف البرنامج للوصول إلى 697 ألف لبناني مقارنة بأكثر من 139 ألفا العام 2019 عبر برامج عدة بينها بطاقة غذائية مدعومة تتيح للمستفيد شراء مواد بقيمة 70 ألف ليرة.
واعلنت نيابة باريس أمس أنها فتحت تحقيقا في التسبب بـ”جروح غير متعمدة” بعد انفجار مرفأ بيروت وخلف بحسب آخر حصيلة 113 قتيلا وآلاف الجرحى بينهم 21 فرنسيا.
وقالت النيابة في بيان إن “احصاء أوليا سمح بتحديد هويات 21 من فرنسيي الجنسية اصيبوا في الانفجار. وانطلاقا من الاختصاص الذي يشمل وقائع حصلت في الخارج، فإن دائرة الحوادث الجماعية في نيابة باريس تفتح تحقيقا في التسبب بجروح غير متعمدة”. – (أ ف ب)