0020
0020
previous arrow
next arrow

مجلـس النُّـواب بالصلاة على النبي وحكومــة على قــده

((بســم الله الرحمـن الرحيــم))
“مجلـس النُّـواب بالصلاة على النبي وحكومــة على قــده”
بقلم: الأستـاذ عبد الكريــم فضلـــو العــــزام
بعد أن تَعِـبَ الشَّعــب كُــل الشَّعـب مِـن الشَّـكــوى, وتَعِــبَ الجَّمـيـع مِـن الكِتابَــة ورَفــع الصَّــوت أن هذا المجلــس وهـذه الوزارة ليســوا بِمُستـوى الأحــداث سَــواء على المُستـوى المَحلِّي أو الخارجِـي, وفي كُـل مَـرَّة كـان الكُتَّــاب يَسُـوقُــون من الأدِلَّـة والشَّــواهِـد الشَّـيء الكَـثيــر, رغـم أن الواقِـع أكبَـر وأكثَـر تَعبيــراً مـن القَــول حتـى أصبَـح الأعمَــى يَــرى رُؤيَــة المُبصِــر.
فأردننا الحبيب الـذي كـان شعبُـه يَنعــم بالرَّخـاء, صَـار اليَــوم يكـد ويتعــب لِيحصُـل علـى لُقمــة العيــش, والأردن الـذي كـان الأنمــوذج بأمنِــه الإجتماعـي مِــن خـلال منظُـومة القِيَـم الإيجابيـة الرَّاسخـة بيـن أفـراد شعبِـه صـار اليــوم وفـي كُــل يــوم يشهَـد مِـن الجنــح والجَّـرائم والمُشـاجَـرات بالأسلحـة الناريـة والبيضاء ما تَقشَعِـر له الأبـدان. وأردننا الذي كان وما زال يعتَـز بأنَّـه بلـد الأسـرة الواحِـدة والعشيـرة الواحِـدة صـار يَشهَـد اليـوم بِـذرة إفسـاد هـذه الرُّوح الجامِعـة لا لشـيء إلا لأن بعـض الحكومـات أرخَـت العنــان للجانحيــن حتـى استمرؤوا الخُـروج على القانـون وغضَّـت الطَّـرف عَـن الفسَـاد والمُفسِدِيـن, مَـع تَنَـامِـي رُوح الـرِدَّة للعصبِيَّـة بِمُختلَـف أشكالِها والـولاء للشِلَّـة علـى اختلاف توجُّهاتِهـا وأهـدافِهَا.
هذا الوطـن العزيـز الـذي سعـى ويسعـى للديمقراطية مُنـذ عقُـود و قَـــد تبنَّـاهـا جلالـة الملـك الباني الحسيــن بن طـلال المُعظَّــم لتكُــون نَهجَــاً راسِخَـاً لِسِيَـاسَـة الدَّولــة, فكان الشَّـعـب في كُــل مَـرَّة تَـجرِي فيهـا انتخابـات يـخـرج إلى صناديـق الاقتــراع وكُلـه أمـل أن يُفـرِز مِـن بينِـه مجلساً نيابيـاً يكُـون علـى مُستَـوى المسؤوليـة وحَمْـل الواجِـب, ولكـن النتائِـج كانـت في الغالِب تأتِـي بِعكــس ما يُريـد ومع ذلك فإنَّ المُتَتَبِّـع يَـرى أنَّ كُـل مَجلـس كـان يأتي أفضـل من المجلِـس الذي بعـده, إلى أن وصلنـا إلـى مجلسنـا الحالـي.
هذا المجلِـس الـذي يجتمِـع وينفِـض لا يعـرِف ماذا يُريــد ولا تُوجَـد لـه سياسـة واضِحَـة أو إبداعـات تخـدم الوطن, مجلـس يفتـرض فيـه الشَّعـب أنَّـه سيكـون صَـوتـه عنـد الحكـومـة, ولسانـه الذي ينقُـل مشـاعِـر المُواطِنيـن؛ آلامهُـم وآمالهُــم, أحزانهُـم وأفراحهُـم, جُـوعهُـم وعريهُـم, ضعفهـم وقِلَّــة حيلتهُـم, مجلـس يُصـوِّر ويُتـرجِـم الرُّوح العربيـة الأصيلـة عنـد هـذا الشَّعـب الـذي تربَّـى علـى مبـادئ الثَّـورة العربيـة الكُبـرى التـي تُـؤمِـن بِـوحـدة الأمَّـة ووحـدة قضاياها وأن لا شـيء أغلـى من الوطـن والمبـدأ وقُـدسيـة الهَـدف.
إنَّ مـا جَـرى في الأيَّـام القليلـة الماضيـة يُعبِّـر وبِشَكـل واضِـح عـن أداء هـذا المجلِـس وعـن كيفيّـة تفكيـره وسُمُـو أهدافِـه وعُمْـق استراتيجياتِـه وبُعـد نظـره في خدمَـة الأمَّـة وشُعـوبِها بعامّـة وفي خِـدمَـة شعبنـا الأردني العظيــم على وجــه الخصُــوص.
فعندمـا ذهــب رئيــس مجلــس النــواب إلى مهرجـان جــرش ومعــه نائبـان ولـم يجِـد لـهُ ولَهُمـا مقاعِـد في الصَّـف الأوَّل, تَــرك الاحتفــال والشَّـرَر يتطايَـر علـى طُـول طَـريق جَــرش عَمَّــان و قَفَـلُــوا راجِعيـن و لولا حِفــظ الله ورعايته لاحتَـرقَـت غابـات دبيـن ومزارِع الوادِي الأخضـر وغابـة الشهيــد وصفي التــل.
وفي اليـوم التالي تَـم عَـرض هذا الحَـدث الجَلـل على مجلس النواب, فثـارت ثائِـرة المجلـس وكادت فيه قُـبَّــة البرلمان تُطلِــق دُخَــانَــاً أســــود وخَـرج النُّـواب إلى قاعـة أخــرى فـي المجلــس لِـيُشبِعُـوا الموضـوع حواراً ومناقشـة ولم تشهَــد قضيـة على المستوى المحلي أو الوطـن العربي أو العالم أثيـرت في مجلسنا المُوَقَّــر إجماعــاً كما شَهِـدتــه هـذه القَضِيَّـة فَـأرغى وأزبَــد النّــواب وصـاروا يَشحـذون سُيُـوفَهُــم على الحُكـومـة ولـم يُناقِـشُـوا شيئـاً في ذلـك اليــوم سِـوى هـذه القضيـة التي تُشبِـه غَـارة الـرُّوم على عمـوريـة أو سقــوط الأندلــس أو تدنيـس المسجــد الأقصـى وضياع فلسطيـن, ولولا صـوت جاءهـم مِـن عالــم الغيــب يقــول: لا تتـسرَّعُــوا، أطلعـوا جلالة الملـك على الأمــر قبل أن تـغُـوصـوا في الوحـل لَكَـان أكبـر ممـا كـان.
وسمعـت الحكومة بما حدث في المجلـس ولكـن وكما نعـرف جميعنـا أن الحكومـة تتسـم بِسِعـة الصــدر والحلـم فقد كان ردها حليـماً كحِلْـم الأحنَـف بـن قيــس وعفـوها كعفْـو يـوم الفتــح. فما كان من الحكومـة إلا أن قاطعـت جلسات مجلـس النـواب وصارت كُـل سُلطـة تَـزرع بِـذرة التفـرُّد والعمل لوحدها وهنا جرى “خبـط العُـقُـل” – أي ضرب عقال الرأس بالأرض – والنخـوة في مجلس الوزراء كما في مجلس النـواب أن أبشــر يا رئيسنـا فنحن معك وصار الشعـب يَشْـتَــم رائحـة معركـة الكـرسي أو الكراسي التي ستُصبِـح تاريخاً كَـحـرب البسُـوس و دَاحِـس والغَـبـراء, يقـرأ عنها الأحفـاد كما قرأنا عن الأباء والأجداد.
ما أعظمـك يا مجلسنا لا يُغضِبك إلا كُـل أمـر جلـل ولا تنتفِـض إلا للشعـب والأمَّـة والإنسانيـة وما أعظمـك يا مجلـس وزرائِنـا فَـكُـلنـا نُحيِّيـك على أنـك “حردان” ونحـن ننصحكـم أن لا تُلقــوا بالتحيــة على نوابنـا أبــداً حتـى لـو أوصلكـم ذلـك إلـى نـار جهنــم.
وختامـاً لا يسعنـي وشعبنـا العظيـم الطيــب إلا الدعـاء إلـى اللـه أن يحفـظ هـذا الوطـن الـذي أوجــده الله وأورَثَـنا إيَّــاه الآبـاء والأجــداد وعَـمَّــره و بَنَـاه لبِنـة لبِنـة بأهـداب العيُــون الهاشميــون الأطهـار وأن يُوفقنـا إلى إيصـال قُـبَّـة البرلمـان وكـراسي الـوزارة مـن يعـرِفُـون لمـاذا انتُخِبُــوا ومـا هـي مهامّهـم وكيــف يُـرضُــون الله والشَّعــب.
الكاتـب: الأستـاذ عبدالكريـم فضلــو العـــزام