المقعد الفارغ
لا أعرف تحديدا ولا تعميا ما هو المهم وغير المهم عند المواطن العربي ، لأنه
، وبكل بساطة، لا يوجد أي معيار أو مقياس يحدد درجة الأهمية والإهتمام، وبالتالي تكون الأمور نسبية تماما ، حتى في الأمور الجوهرية ، وترجع لتقدير الشخص.
جاء رجل الى ستاد رياضي قبل بدء المباراة بدقائق ، فكان الستاد ممتلئا تماما ، لكنه لاحظ فراغا بعيدا في الأعلى ، فركض اليه ليجد كرسيا فارغا ..يا للهول ..يا للروعة .وبداعي التأدب سال الرجل الجالس في المقعد المجاور ، إذا كان المقعد محجوزا أم بلا صاحب ، فقال الرجل له أنه يستطيع الجلوس.
جلس الرجل ، وقد بقيت أقل من دقيقة على دخول اللاعبين ، فانتابه الفضول حول سبب وجود المقعد الفارغ ، فسأل الرجل عن الموضوع فقال له :
– في الواقع لقد حجزت أنا المقعد ودفعت التذكرة .
– لكنه فارغ ..هل حجزته لمجرد الجلوس بجانب مقعد فارغ؟
– لا ابدا ..حجزته لزوجتي العزيزة.
– ولماذا لم تحضر زوجتك؟
– لقد ماتت اليوم
– ولماذا اذن لم تحضر معك أحد الأقارب أو الأصدقاء ؟
– حاولت ..لكنهم مشغولون جميعا في ترتيب أمور الجنازة
– جنازة من ؟
– جنازة زوجتي طبعا.
نرجع لموضوعنا ..فقد قالها محمود درويش:» ندعو لأندلس إن حوصرت حلب»، وهي عادة عربية متأصلة في الهروب من القضايا الحقيقية الى قضايا متوفاة منذ قرون ، لكننا لا نشعر بأي تناقض في الموضوع ، ففي حين كانت فلسطين بحاجة الى كل يد قاتلنا في افغانستان والفلبين والبوسنة والشيشان وبورما، وشاركنا في كل قضايا الكون ، وما نزال ..عدا قضيتنا.
هل الأمر مجرد صدفة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تلولحي يا دالية.
ghishan@gmail.com