بين عيدين
كل عام وأنتم بخير ،
اليوم ستستمعون الى الكثير من المقابلات الإذاعية المتلفزة حيث يسأل الإعلاميون فيها بعض الكبار المتجهمين حول المقارنة بين أيام زمان وهذه الأيام بالنسبة لاعياد، وقد تكررت مثل هذه المقابلات كثيرا خلال الشهر الفضيل في الصحف الورقية والأليكترونية، وسوف يتكرر كل شي في الأعياد المقبلة.
عندما تقرأ أو تسمع أو تشاهد ردود الكبار تعتقد أنهم ربما قرؤوا عند شيخ واحد، رغم اختلاف الزمن والمكان، والدين أحيانا . تجد الجميع –بلا إستثناء تقريبا- يترحم على ايام زمان ، حيث كانت المحبة تعم الجميع ، حيث التكافل الأسري ، حيث يحترم الصغار الكبار وينصاعون لأوامرهم ويخدمونهم بكل رضى وتقدير و و و و و و.
ولا بأس من التأكيد بأن فرحة الناس بالعيد ايام زمان،كانت غير شكل، وأن الصغار والكبار كانوا يشكلون ثنائيا مفعما بالأفراح، وهم يتنقلون من بيت الى بيت لتبادل التهاني بالعيد السعيد. يؤكدون ويؤكدون لدرجة أنك تعتقد أنهم يتحدثون عن كوكب آخر غير كرتنا الأرضية ، وعن شعوب أخرى غيرنا نحن البشر ، وعن أمه اخرى غيرنا نحن العرب ، وعن زمان مفارق لا يشبة ولو للحظة أي زمان عرفناة وخبرناه.
ينسى الكبار أو يتناسون أنهم يتحدثون عن مرحلة طفولتهم ، حيث كان للأشياء جميعها طعما مختلفا ، وهم يتحدثون عن ذلك الطعم وتلك النكهة ،وينسون أو يتناسون أن العالم ملئ بالأطفال الجدد الذين يرون العالم بذات الدهشة وذات المنظور الطفولي وربما افضل منهم (بحكم الوعي المتجدد) ..وأن التغير حصل فيهم ، حيث كانوا صغارا ينظرون للعالم بعيون الأطفال ، ثم صاروا كبارا مكتئبين يحنون الى ماضيهم الطفولي – وهذا حقهم- لكن ليس من حقهم تجريد الحاضر من جميع القيم الأخلاقية والإنسانية وتجييرها لصالح الماضي الذي خبروه اطفالا بلا مسؤوليات..فيسقطون ضحية الحنين الى الماضي ، ولا يرون خيرا وسعادة سوى في الماضي.
لا أحب التنظير ، لكني اعتقد ان العيد هو ذات العيد وفرحته هي ذات الفرحة والناس ازدادوا اخلاقا وتدينا ولم يزدادوا كفرا وانحلالا ، وأن التغيرات في الشكل هي تغيرات طبيعية اقتضتها التطورات الحضارية.
لا احب أن افسد فرحة التعامل مع وسائل الإعلام على الكبار ..لكن لحلحوها يا جماعة الخير .
…..وتلولحي يا دالية .