0020
0020
previous arrow
next arrow

الملك : رئاسة ترامب ستؤدي إلى تغيير الوضع القائم للعديد من القضايا

وكالة الناس – بثت محطة (ايه بي سي) التلفزيونية الأسترالية، اليوم الأربعاء، مقابلة مع جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي بدأ وجلالة الملكة رانيا العبدالله، اليوم، زيارة دولة إلى أستراليا بدعوة من حاكمها العام بيتر غوسغروف. وفيما يلي نص المقابلة التي أجراها الإعلامي توني جونز، مقدم البرنامج الحواري السياسي ‘ليتلاين’:

محطة ايه بي سي: جلالة الملك، أشكرك لانضمامك إلينا.

جلالة الملك عبدالله الثاني: يسعدني أن أكون هنا.

محطة ايه بي سي: أود أن أبدأ بالسؤال الكبير الذي يدور في أذهان الجميع، هل من الممكن أن تغير رئاسة ترمب قواعد اللعبة في منطقة الشرق الأوسط؟

جلالة الملك عبدالله الثاني: بالتأكيد ستؤدي إلى تغيير الوضع القائم للعديد من القضايا التي نتعامل معها، علينا الانتظار لنرى تشكيلة الفريق الانتقالي للرئيس، ووجهة نظره إزاء منطقة الشرق الأوسط كما باقي العالم، فلا أعتقد أن منطقتنا وحدها هي التي تنتظر بترقب، وإنما العالم أجمع.

محطة ايه بي سي: أجل. وهل تعتقد بأن قادة العالم ينتظرون بفارغ الصبر متمنين نتائج إيجابية بعد سباق رئاسي اتسم بدرجة عالية من الاستقطاب. جلالة الملك عبدالله الثاني: في الحقيقة، إنه موضوع شغلنا جميعا خلال العامين الماضيين. لقد تكلمت مع الرئيس المنتخب دونالد ترمب الأسبوع الماضي، كان مستوى التناغم جيداً جداً خلال الاتصال، أعرف عدداً كبيرا من أفراد الفريق الانتقالي، ومن المعلوم أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات. سيكون هناك تغيير في السياسات، ولكن ليس بالمستوى الذي يعتقد البعض أنه يدعو إلى القلق، لذلك يجب أن نحسن الظن ونعطيهم الفرصة للعمل.

محطة ايه بي سي: إحدى الأمور التي يُنظر إليها بتمعن هي الصراع الأكبر في المنطقة: سوريا. هل أنت قلق من أن الرئيس ترمب سيتبنى ما يمكن وصفه بشكل رئيس بأنه الموقف الروسي والمتمثل في الإبقاء على الرئيس الأسد ونظامه على رأس السلطة إلى أمد مفتوح؟ جلالة الملك عبدالله الثاني: أعتقد في هذه المرحلة أن جميع الخيارات متاحة ومطروحة على الطاولة، ولكن مرة أخرى يجب أن أكون واضحاً بأن غالبيتنا، ممن يفهمون الأزمة السورية، يدركون أنه لا يمكن حل الأزمة بدون الروس. وهذا أمر لطالما ناقشناه على مدار العامين الماضيين.

وعليه، ففي هذه المرحلة علينا الانتظار لنرى طبيعة الاستراتيجية الأمريكية وكيف سيتم التعامل مع الروس، وهذا هو الأمر الذي يشغل الجميع، ولكن وفي ذات الوقت، وكما ناقشنا بعجالة قبيل البدء بإجراء المقابلة، الأمر يرتبط أيضاً بالتطورات الميدانية، فما يحدث في حلب مثلاً هو مأساة إنسانية، لا أعتقد أنه بإمكاننا عمل الكثير حتى تأخذ الإدارة الجديدة موقعها، وتبلور استراتيجيتها، ويتم التواصل مع الروس. محطة ايه بي سي: أهذا برأيكم ما حدث؟ فقد تخلى الروس عن عملية السلام بحجة أن الحلفاء يدعمون قوات ‘الشام’ التي تتبع لتنظيم النصرة المدعوم من القاعدة والمتواجد في شرق حلب؟ ولكن وفي ذات الوقت يبدو للجميع أنهم ينتظرون إلى حين تنصيب الرئيس الجديد. جلالة الملك عبدالله الثاني: أعتقد أنه من وجهة النظر الروسية كان هناك نوع من الانتظار والترقب لرؤية من سيفوز بالانتخابات والإدارة الجديدة التي ستتولى زمام الأمور.

وبالتالي فإنهم شعروا بأنه بإمكانهم فعل ما يريدونه في سوريا، ولكن في ذات الوقت من الصعب وضع اللوم، فيما يتعلق بالمحادثات، على طرف معين. ما نأمله جميعاً هو أنه مع قدوم الإدارة الجديدة وبلورتها لاستراتيجيتها أن يكون هناك بعض الانسجام. فنحن في نهاية المطاف نواجه خطرا عالمياً للإرهاب، يمثل حرباً عالميةً ثالثة بأدوات أخرى، كما وصفتها، وليس امتدادا للحرب الباردة، حيث يساورني شعور بأن درجة الكراهية بين موسكو وواشنطن أعلى من الكراهية تجاه القوى الإرهابية التي نواجهها على مستوى العالم. آمل أن يتغير ذلك، لأن الأولوية تتمثل في مواجهة هذا الخطر العالمي.

محطة ايه بي سي: إذن، هل تعتقد بأن شكلا ما من الاتفاق بين ترمب وبوتين سيخلق فرصة فيما يخص سوريا، وهل ستكون على استعداد، وهل سيكون التحالف بإطاره الأوسع على استعداد لرؤية الأسد مستمراً في منصبه، إذا ما مثل ذلك رغبة الروس؟ جلالة الملك عبدالله الثاني: نحن بحاجة بكل تأكيد إلى فرصة في سوريا، لأن الأمور لا تجري بشكل جيد من منظور سياسي منذ الأشهر الستة الماضية وإن لم يكن أكثر. وما لم يكن هناك تفاهم بين أمريكا وروسيا، بصفتهما القوتين الرئيسيتين، ومن ثم الأطراف الأخرى، فإننا بعد سنة من اليوم، سنبقى نتحدث عن المآسي التي ترتكب على الأرض. ويجب أن أذكر هنا بأنه حتى مع وجود مسار سياسي للأزمة، وبغض النظر عن الموقف من الأسد، فإن الأطراف تعتقد بأنه بمجرد وجود هذا المسار السياسي فإنه لا داع للقلق إزاء أية أمور أخرى، لكن الشق الثاني للموضوع هو أن هناك حربا قائمة ضد الإرهاب داخل سوريا، وهذا أمر سيستغرق وقتاً. لذا، فالسياسيون يعتقدون أن الأمور ستحل سريعاً لكن الواقع على الأرض أكثر تعقيداً وسيستمر لفترات أطول، وليس فقط في سوريا.

محطة ايه بي سي: حول هذا الموضوع تحديداً، تحدثت عن التناغم، وقد كان هناك حديث سابق من الأمريكان والروس عن وضع عمليات مشتركة ورئاسة موحدة لتنسيق الضربات الجوية. هل تعتقد أن ذلك ممكناً، وهل هو عرضة للانتكاسة إذا ما قام الروس بتهديم شرق حلب بالطائرات بحلول كانون الأول؟ جلالة الملك عبدالله الثاني: في العادة، ما يحدث في منطقتنا هو أن الأطراف تبادر إلى فرض حقائق على الأرض قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات. فإذا ما كان علينا الانتظار حتى شباط أو آذار القادمين، فإنني أعتقد أن الكثير من الأبرياء سيعانون بسبب ذلك. ولكن فيما يخص التنسيق، فإنني أعلم، وبحكم الاطلاع المباشر، بوجود تنسيق على المستوى العسكري وبشكل ناجح بين الروس والولايات المتحدة فيما يخص سوريا والعمليات القائمة هناك. وهذا التنسيق كان يتأرجح بحسب التحسن أو التراجع في مستوى العلاقة السياسية، آمل أن يكون هناك تركيز جديد، وأعتقد أن الجلوس إلى الطاولة والاتفاق ما زال ممكناً، وهو أمر شاهدناه على المستوى العسكري في عدة مناطق من سوريا.

محطة ايه بي سي: ترمب أوضح بشكل جلي أن أولويته ستكون تدمير داعش، وإذا لزم ذلك حصوله على مساعدة روسيا، فإنه سيسعى للحصول على أي دعم ممكن، هل من الممكن فعلاً القيام بذلك؟ جلالة الملك عبدالله الثاني: أعتقد أن تدمير داعش يجب أن يكون أولوية الجميع، وإنني مستمر بالتذكير بأن هذا الهدف هو صميم الحرب الدولية على الإرهاب. فمن جهتنا ننظر إليها كحرب داخل الإسلام، ولا يمكننا الانتصار فيها بدون دعم باقي الأديان والدول الأخرى، فهذا الخطر ليس محصوراً بالعراق وسوريا فقط، بل إننا نواجهه في ليبيا، وفي خطر بوكو حرام والشباب، وطالبان، وحتى في هذا الجزء من العالم (أستراليا) تواجهون تحديات شبيهة، وما لم نتعامل مع هذا التحدي بمنظور شمولي وعالمي فإننا لن ننتصر. ولا بد من أن نكون قادرين على مواجهة هذا التحدي في أكثر من ميدان، وهذا شكل مصدر إحباط في الماضي، حيث كان يتم التعامل مع التحديات كلا على حدة، حيث يتم التعامل مع سوريا الآن وتأجيل العراق لما بعد. وعندما تنظر إلى الحملة الحالية في العراق وسوريا ضد داعش، فإنه يلاحظ، خلال العام الماضي، بأن قادة الإرهابيين بدأوا بالتحرك إلى ليبيا. فهل سننتظر عاما أو عامين حتى نتعامل مع الخطر في ليبيا؟ وإن نجحنا في ذلك هل نبدأ بعدها بعامين بالحديث مع الدول الإفريقية للضغط على بوكوحرام والشباب في شرق وغرب إفريقيا؟ فعلى هذا المنوال لن ننجح أبدا.