0020
0020
previous arrow
next arrow

ما لم يقله رئيس أركان حروب صدام حسين في مذكراته .. تفاصيل تنشر لاول مرة

وكالةالناس –  الفريق الركن نزار الخزرجي كان رئيس أركان الجيش العراقي وقبلها ضابطاً متدرجاً في الرتب حيث شارك منذ اندلاع الحرب مع ايران عام ١٩٨٠ بعملياتها وكان مقدما بمنصب آمر فوج ثم آمر لواء وقائد فرقة وقائد قاطع عمليات الشمال يوم جرت حرب تحرير الكويت وكان مقره العملياتي اثناء القصف الأمريكي مبنى روضة الأطفال في جامعة الموصل عام ١٩٩١ .قبل أن يتم نقله بعد اسبوعين الى قاطع عمليات البصرة والكويت ثم يتعرض للاعتقال من العراقيين الغاضبين على نظام صدام الخارج مندحراً من الكويت وجرى اطلاق رصاصتين على قدميه وتقييده قبل ان يتمكن من الهروب من قاطع الناصرية ويأتي مشياً على الأقدام الى بغداد وقد نزع رتبة الأركان التي كانت تزين كتفيه . وحسب ضابط في عمليات الجنوب فان الثوار العراقيين ظنوا انه مجرد جندي او ربما ضابط عادي حين اعتقلوه ولم يهتموا لأمره تاركيه مقيداً بحبل بسيط في نقطة حراسة مهجورة ما مكنه من الهروب بسهولة .

وكان الخزرجي يد صدام الضاربة في الجبهة ولم يكن له رأي سياسي في مسألة عادية فضلاً عن مسألة كبرى مثل احتلال الكويت الذي جرى بقرار شخصي من صدام حسين نفسه لكنه في مذكراته التي نشرها مركز أبحاث مرتبط بالديوان الأميري بقطر يقول انه كان من المعترضين على غزو الكويت وان صدام أقصاه لاحقاً بسبب موقفه هذا ، وهو أمر لا يصدقه عاقل يعرف شيئاً بسيطاً عن طبيعة نظام صدام لاسيما في التعامل مع قيادات عسكرية تعترض على قراراته .

تلك تفاصيل قليلة تجاهلها الخزرجي في مذكراته التي صدرت مؤخرا بعد اختفائه منذ عام ٢٠٠٥ من مقر اقامته في الدانمارك حيث جرت عملية تهريبه بمعرفة دولة كبرى من اجل الافادة منه في مرحلة مقبلة في العراق غير ان الأوضاع العراقية سارت بوتيرة تتجاوز أي اسم مرتبط بنظام صدام . وكانت عملية تهريبه حماية له من مذكرة اعتقال أصدرتها الحكومة العراقية بتأييد من الانتربول لجلب الخزرجي ومحاكمته في محكمة جرائم الأنفال وقصف حلبجة بالسلاح الكيمياوي وذلك بضغط من الأكراد الذين ما لبثوا أن تجاهلوه بتوصية أمريكية حسب مسؤول كردي مخضرم .

ويروي الفريق الخزرجي محطات الحرب العراقية الإيرانية التي عايشها منذ بدايتها، كقائد لواء ومن ثم فرقة وأمين سر وزارة الدفاع ومعاون رئيس اركان الى نهايتها كرئيس أركان، ويوضح حقيقة التمويل الخليجي والدور العربي، لا سيما المشاركة المصرية والسودانية واليمنية والاردنية.

ويتحدث عن حجم التمويل الخليجي و المشاركة العربية في تلك الحرب فيقول:” الدعم الخليجي للعراق في اثناء الحرب لا يتجاوز 10% من تكاليف الحرب” وإن “الفرقة الأردنية، التي وعد الملك حسين بإرسالها، تقلصت إلى ألفي متطوع”، في حين أن “اليمن أرسل ألوية للتدريب يبدلها كل ستة أشهر”.

و يتحدث عن اتفاق العراق مع مصر على تصنيع حربي، ولكن نتيجته كانت ضياع الأموال المرصودة لذلك وإرسال الحكومة المصرية دبابات مستهلكة “خردة” أمر الرئيس صدام بتسديد ثمنها حفاظا على العلاقة مع مصر.

ويكشف عن الدور الليبي من خلال سقوط أول صاروخ سكود على بغداد من الجانب الإيراني قدمه معمر القذافي لإيران.لكنه لا يتحدث عن عمليات خاصة ونوعية للجيش العراقي ومنها عملية جوية أدت الى اغراق شحنة صواريخ ارض -أرض كانت مرسلة بالبحر من ليبيا الى ايران ودمرتها المقاتلات العراقية في الخليج العربي .

كما يروي الخزرجي حقيقة الموقف الأميركي من الحرب، ويتهم الولايات المتحدة بأنها “كانت تريد إطالة امد الحرب، وقام الجيش العراقي بتضليلها خلال معارك تحرير الفاو وغيرها، لأنه كان يشك في تسريبالأميركيين المعلومات للجانب الإيراني”.

وهذه معلومات تحدث بها صدام حسين نفسه على شاشة التلفاز وكانت محاولة منه لدفع الشبهات حول المعلومات الامريكية التي ساعدت الجيش العراقي في استعادة الفاو عبر انزال في جزيرة بوبيان الكويتية وهو الأمر الذي لم يأت عليه الخزرجي .

وتناول الخزرجي اللقاء الأول الذي جمعه مع صدام في السفارة العراقية في موسكو1971، حيث كان الخزرجي نائب رئيس الملحق العسكري، وصدام نائب الرئيس القوي، وتوسط الخزرجي لعمه اللواء إبراهيم الانصاري رئيس الأركان السابق في أثناء قيام ثورة البعث 1968، ووفى صدام بوعده. والمفارقة أن صديق الخزرجي، الذي قدمه لصدام، هو من سيكون لاحقا مدير الاستخبارات العامة، فاضل براك، الذي أعدمه صدام في 1991.

ومنذ تلك اللحظة نشأت علاقة خاصة بين الرجلين شاهد خلالها الخزرجي لحظات القوة والضعف لدى صدام، ومنها رؤيته لدموع صدام مرتين، مرة، عندما اقسم خلال مناسبة عسكرية أن يمنح اوسمة كثيرة لمن يحرر الفاو، والمرة الثانية عندما انسحب الجيش العراقي من الكويت، وأصيب الخزرجي خلال انتفاضة الناصرية 1991 وزاره صدام حسين في المشفى.

ويتحدث عن زيارة صدام لقطاعه في الجبهة، وقيادته سيارة اللاند كروزر بنفسه، معتزا بذلك وقائلا “في المواقف الصعبة أتولى أنا القيادة”.

سلمه الرئيس صدام حسين رئاسة اركان الجيش العراقي في السنة الأخيرة من حرب طويلة امتدت ثماني سنوات من 4 سبتمبر/أيلول 1980 الى 8 أغسطس/آب 1988، تقلب فيها الجيش العراقي بين انتصارات وهزائم، ولكن الوضع لم يكن في صالح العراق حين أسندت إلى الخزرجي رئاسة الأركان، وكان الايرانيون يحتلون مناطق حدودية، وتعهد الخزرجي بأن يحقق النصر للعراق خلال سنة، رغم أنه كان متشائما في بداية الحرب وخائفا من خسارتها.

وهو يعتبر ان العراق خرج منتصرا من الحرب مع إيران، رغم أن خسائره فاقت 150 ألف قتيل من القوات المسلحة و700 ألف جريح و85 ألف أسير ومفقود.

وكان الخزرجي، خلال قيادته للفرقة السابعة، قد اقترح على صدام تحويل الجيش العراقي إلى جيش نخبة، من خلال مذكرة بعنوان “بعض أفكار جندي في القادسية “.

ويروي الخزرجي سيرته وعلاقته بالأكراد من خلال معرفته بالرئيس جلال الطالباني شخصيا، والذي قال له في 1984 خلال توليه الفيلق الأول، وبعد بدء المفاوضات بين الاكراد والحكومة، ألاّ يمر من قاطعه ان لم يتفق مع الحكومة .

وفي النهاية هرب الخزرجي الى الخارج بمساعدة كردية وظل في الظل على العكس من قيادات اخرى كانت واضحة في البحث عن دور في تغيير النظام السياسي بالعراق .