0020
0020
previous arrow
next arrow

الابتزاز عنوان المرحلة

بعد الخطابات الطويلة والحادة التي ألقيت في جلسات الثقة وأذيعت على الهواء مباشرة ، لم يتهم نائب واحد الرئيس المكلف في نزاهته ، ولم يشكك أحد في خبرته وكفاءته ، ولم يشكك أحد في وطنيته ، فلماذا إذن لا يحصل الرئيس على ثقة مريحة ، فهل هناك كثرة في اجتماع النزاهة والكفاءة والوطنية والخبرة؟.
بالنتيجة حصلت الحكومة على الثقة ليس بسبب النزاهة او الكفاءة أو الوطنية بل كنتيجة لابتزاز الحكومة واستغلال حاجتها إلى كل صوت بالثقة ، ففرضت عليها أثمان باهظة مقابل منح الثقة ، ولم يكن أمام الرئيس من خيار إلا قبولها.

الابتزاز هو عنوان المرحلة على جميع المستويات ، فالنواب يبتزون الرئيس ، والموظفون يبتزون الحكومة ، والعمال يبتزون الشركات ، والإخوان المسلمون يبتزون أمن واستقرار المجتمع ، وكل جهة تريد تحقيق مكاسب ولو على حساب الوطن.
منح أو حجب الثقة عن الحكومة حق للنائب ، ولكن البعض يعتبر هذا الحق ورقة لا يريد أن يقدمها مجاناُ بل بالثمن: وزارة لرئيس الكتلة ، أو وظيفة عليا لأحد الأقرباء والمحاسيب.
بل إن بعض النواب المحترمين قرر مقايضة صوته بالتجنيس أو المحاصصة ، فالوطن في نظرهم ليس سوى ساحة مصارعة يكسب فيها المصارع الذي يمسك خصمه باليد التي توجعه!.
أتمنى أن تكون الوعود التي قطعها الرئيس على نفسه وعلى حكومته للحصول على الثقة مجرد وعود انتخابية ، مثل الوعود التي أعطاها النواب للناخبين خلال الحملة الانتخابية ، والتي وصلت في بعض الحالات إلى حد تحقيق المعجزات.
من الواضح الآن أن مجلس النواب تغوّل على الحكومة ، فهو يملي مطالبه على السلطة التنفيذية صاحبة الولاية العامة ، وبدلاً من مراقبة القرارات والسياسات التي تأخذ بها الحكومة ، يريد أن يصنعها بنفسه ، وعلى مقاسه. لكن السلطة التنفيذية لديها الحماية الدستورية الكافية ، وليست فريسة سهلة للتعسف ، وإذا حصل تهديد جدي بحجب الثقة بدون وجه حق ، فإن الحكومة تستطيع بل عليها حل المجلس ، فتتغدى به قبل أن يتعشى بها ، ويذهب المجلس معها ، بل قبلها بأسبوع.
لا نريد أن نعمم ، فهناك نواب أدلوا بأصواتهم ومنحوا الثقة لاعتبارات وطنية ، أي بعد أخذ الكفاءة والنزاهة بالحسبان. وأقلية منحت الثقة مقابل الحصول على منافع غير مستحقة ، ونواب حجبوا الثقة لأنهم لا يثقون بقدرة الرئيس وفريقه الوزاري على حمل المسؤولية ، ونواب حجبوها لأنهم لم يحصلوا على مطالبهم الشخصية.