0020
0020
previous arrow
next arrow

فيدل وراؤول كاسترو : وأيام الأحلام الجميلة !

ترشح «الرفيق» راؤول كاسترو (84 عاما) مجدداً لرئاسة كوبا التي كان حكمها شقيقه فيدل لسبعة وأربعين سنة ، منذ العام 1959 وحتى العام 2006 ، بعد إسقاط حكمْ ذلك الديكتاتور الفاسد فولينسيو باتيستا في ثورة مظفرة شارك فيها بكل شجاعة وإقدام ذلك الثائر الأممي تشي غيفارا الذي لا يزال بعض الشبان الحالمون وبعض كبار السن الذين عاشوا تلك المرحلة العظيمة يحتفظون بصورته المميزة وهو يطلق ذقنه و» السيجار» الكوبي الشهير في طرف فمه فيما يغطي جزءاً من رأسه الغزير الشعر بـ «طاقيته» السوداء الشهيرة .
لقد كانت أيام فيدل كاسترو المبكرة وأيام تشي غيفارا بالنسبة لنا، نحن الذين كنا شبابا حالمين، أياماً جميلة وكانت أحلامنا قبل أن تصدمنا العثرات عثرة بعد عثرة تلامس غيوم السماء ولعل ما لا يستوعبه شباب هذه الايام أنَّ قتل هذا الثائر الأسطوري في «بوليفيا» من قبل مغاوير المخابرات الأميركية الـ C.I.A»» كان أشد وطأة علينا من إحتلال إسرائيل للضفة الغربية وسيناء كلها حتى قناة السويس وهضبة الجولان حتى مشارف دمشق !! وذلك مع أن هذا الإحتلال لا يزال يفتت أكبادنا حتى بعد كل هذه الأعوام الطويلة وبعد أن تكللت رؤوسنا بشيب أكثر بياضاً من الثلج .
 وحقيقة أنني مثلي مثل بعض أترابي الحالمين الذين عاشوا تلك المرحلة ، التي ربما أن آخرين كانوا يرونها أكثر بشاعة من «بوز تشوبي» لكنني كنت أرى أنها أكثر جمالاً من وجه «عشْتروت» وهنا فإن ما لا يمكن إنكاره والذي لا يجوز إنكاره هو أن الجميل في تلك الفترة كان تلك الأحلام الكبيرة كتحرير فلسطين وكل ما أحتلًّ من ديار العرب وكالوحدة العربية التي كنا نعتقد أنها أصبحت بمتناول أيدينا وكالحياة الأفضل التي كنا نسميها «الإشتراكية» وكالعدالة والمساواة والحريات العامة وأن تأخذ هذه الأمة العظيمة مكانتها تحت الشمس .
لقد استعرضت كل هذه الأحلام الوردية أمس فتنهدت حتى كدت أشعر بأن خاصرتيَّ قد تمزقتا وأنا أرى صورة أخرى لـ «فيدل كاسترو»غير تلك الصورة لتي احتفظت بها في مخيلتي لسنوات طويلة ويقيناً إنني ، وأنا أرى وجهاً شاحباً وعينين غائرتين وأصابع مرتجفة،  قد شعرت أن  تشي غيفارا قد فعل خيراً عندما أختار الرحيل المبكر بمغامرة الذهاب الإنتحاري إلى بوليفيا وترك لنا صورته هذه الجميلة التي لا تزال في مخيلاتنا نحن أبناء هذا الجيل المعذب من سوء حظه أنه أدرك كل هذه الإنهيارات التي عنوانها سقوط بغداد وسقوط دمشق في أيدي مغول هذا العصر الكئيب وما تفعله إسرائيل بالشعب الفلسطيني وبوطنه .. وبالقدس الشريف !!
ألم يكن من الأفضل لنا يا ترى ولـ»فيدال كاسترو» لو أنه رحل مبكراً وترك لنا صورته القديمة الجميلة ثم أليس من الأفضل لو أنَّ شقيقه راؤول قد اكتفى بالعشرة أعوام التي قضاها في الحكم كرجُلٍ أول وأخذ كوبا الجميلة إلى هذا القرن الحادي والعشرين وإلى عصر الحريات العامة والديموقراطية والعصر الذي لا يتحمل أن يرى رئيساً عظيماً لبلد عظيم وشعب عظيم وهو يتنقل على أحد كراسي المقعدين .
 الآن أصبحت حتى الولايات المتحدة ، صاحبة غزو خليج الخنازير الفاشل،  تعترف بهذه الدولة الجميلة كوبا ولذلك فإنه ما كان على راؤول كاسترو أن يبقى يتمسك بكرسي الحكم فهذا البلد الذي أنجبه وأنجب شقيقه  فيدل لا شك أنه قادر على إنجاب مثلهما وأفضل منهما .. وهذا في حقيقة الأمر ينطبق على العديد من الدول الإفريقية وعلى دول عربية قدمت شعوبها من الشهداء ما يجعلها تستحق تجربة كتجربة دول أفضل ديموقراطيات العالم.