0020
0020
previous arrow
next arrow

الجولة الأولى.. ليست الفرصة الأخيرة

قرار الاميرعلي بن الحسين خوض معركة رئاسة «الفيفا» كان قرارا شجاعا، لأن اميرنا الشاب تسلح ببرنامج الاصلاح والتغيير بعناصره الجديدة من اجل اعادة صياغة واقع ومستقبل المنظمة الدولية بعد الفضيحة التي هزت قيادتها وقاعدتها، وأساءت الى سمعتها. ولكن الامير الهاشمي الذي قاد الحركة التصحيحية أدرك ابعاد الصراع السياسي الذي دار داخل اروقة وساحات المنظمة الدولية البعيد عن الروح الرياضية، وايقن انه لن ينجح في اختراق الحاجز الصعب، رغم الزلزال الذي ضرب «الفيفا» باكتشاف عمليات الفساد وغسيل الاموال داخل الطبقات العليا من كادر المنظمة الدولية، التي تتمتع باستقلال مالي وتدير مليارات الدولارات، التي تجنيها من مباريات كرة القدم ومن استثماراتها، وهي الاموال التي اعطت منافسه هذه القوة.
وفي ضوء التفاصيل الشيطانية التي حدثت داخل قاعة الاجتماع وخلال عملية الاقتراع في الجولة الاولى اتخذ الامير علي قراره الشجاع الثاني المتمثل بالانسحاب من المنافسة، وعدم خوض الجولة الثانية. فهناك تفاصيل منها ما هو معرف ومكشوف وفيها ما هو غامض وغائب في دهاليز اللعبة والتلاعب. وبالتالي لا اعتقد ان الامور وصلت الى نهايتها حتى الان، فهناك ما هو اسوأ، حسب ما اعلنه بلاتر الذي دعا الى تجاوز الازمة والتقدم بالمنظمة الدولية الى الامام، والعمل بروح الفريق الواحد متجاهلا مسؤوليته في مواجهة نتائج عمليات الفساد التي شكلت فضيحة مجلجلة غير مسبوقة في تاريخ «الفيفا»، وهي القضية التي ما انتهت بعد.
صحيح ان الاتحاد الاسيوي قد وعد بلاتر بالدعم في وقت سابق، وصحيح ان الكتلة الاسيوية الافريقية هي التي حملت جوزف بلاتر الى الرئاسة في الماضي والحاضر، ولكن كنا نتوقع ان فضيحة الفساد الكبرى التي وقعت عشية الاقتراع ستغير المواقف والنتائج في صندوق الاقتراع في اللحظات الا خيرة، خصوصا بعد ان طلب رئيس الاتحاد الاوروبي بلاتيني من بلاتر تقديم استقالته وسحب ترشيحه، لأن ما حدث لطخ سمعة «الفيفا « في عهده.
والحقيقة ان بلاتر كان في اسوأ حالاته، وكان يواجه موقفا صعبا، ولكن عملية سحب طلب تعليق عضوية اسرائيل في المنظمة الدولية، في اللحظات الاخيرة شكل طوف نجاة لبلاتر الذي كان في موقف صعب، لأنه عارض تقديم طلب تجميد عضوية اسرائيل، خصوصا ان الولايات المتحدة، التي نبشت قضايا الفساد هددت بوقف الدعم المالي للمنظمة الدولية اذا تم تعليق عضوية اسرائيل.
والحقيقة الاخرى ان الصراع داخل «الفيفا» تحول الى صراع سياسي دولي شاركت فيه واشنطن وموسكو، وبالتالي القى هذا الصراع بظلاله على عملية الاقتراع. فالرئيس الروسي اعتبر ان ما حدث داخل المنظمة الدولية مؤامرة على روسيا، وان الهدف هو تعطيل «مونديال 2018 « الذي سيقام في روسيا، لأن التحقيق الجاري يشمل المونديالين في موسكو وفي الدوحة، وهو الموقف الآخر الذي ساعد على اخراج بلاتر من مازقه.
الحقيقة ان الفرصة لاحت وراحت، لأن الزلزال، على ضخامته وقوته، لم يقدر على تحريك المواقف، اوتغيير النوايا، او يخرج المتمرسين من خنادقهم، بحيث سأل الكثيرون بريبة عن سر قوة بلاتر والاصرار على منحه اكثر الاصوات، وهو الذي كان من المتوقع سقوطه بفعل ارتدادات الهزة الكبرى، وحسب التوقعات العقلانية!
ورغم كل ذلك، فهناك من يعتقد ان الازمة مستمرة، وأن العاصفة داخل الفيفا لم تتوقف بعد، لأن معارضي بلاتر ما زالوا يلوحون بمقاطعة المونديال، خصوصا في اوروبا، وهذا الموقف سيحدث بلبلة، ويخلق حالة من الارتباك في اوساط الشركات الراعية والداعمة لنشاطات وفعاليات الفيفا.
ونقول للامير علي بن الحسين انها كانت التجربة الاولى، وقد خضتها بشجاعة واقدام وفروسية وخلق عظيم، رغم الغدر والتلاعب، ولكنها لن تكون الفرصة الاخيرة، لأن دعوته الى الاصلاح ومكافحة الفساد من اجل اعادة الفيفا الى مسارها الصحيح قد لاقت استجابة من قبل اعضاء كثر في المنظمة الدولية، اضافة الى أن هناك من يرى ان الوقت قد حان لاخراج منصب رئاسة الفيفا من الدائرة الاوروبية، لأن سبعة رؤساء لهذه المنظمة من اصل ثمانية هم من القارة الاوروبية وواحد فقط من البرازيل هو «جو هافيلانج « خلال 111 عاما، اي منذ تأسيس الفيفا في العام 1904