0020
0020
previous arrow
next arrow

مصر وتركيا !

ليس من أجل مواجهة إيران والاصطفاف ضدها على أساس طائفي ومذهبي، وهذا مرفوض ومستبعد بالطبع، ولكن لمواجهة الإرهاب ولتنقية العلاقات العربية – التركية، المصرية – التركية على وجه التحديد، فإنه لابد من أن تكون هناك مساعٍ خيرة، شعبية ورسمية، لإعادة المياه إلى مجاريها وأفضل بين القاهرة وأنقرة ولردم الهوة التي طرأت بعد إسقاط حكم الإخوان المسلمين في أرض الكنانة . 
إن المفترض أن «الأشقاء» ، نعم الأشقاء الأتراك قد أدركوا بعد كل هذه السنوات الطويلة أن الغرب لن يقبلهم عضواً فاعلاً فيه وإنه غير ممكن أن يصبحوا إحدى دول الإتحاد الأوروبي، والأسباب هنا معروفة، وبالتالي فإن عليهم ، مع عدم القطيعة مع الأوروبيين، أن يعززوا توجههم الاقتصادي والسياسي والأمني والثقافي نحو الجنوب فهذا هو عمق تركيا الحقيقي وهو عمق يستند إلى مشتركات كثيرة سابقة ولاحقة .

ولهذا فإنه ما كان على الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي لا يجوز إغماض العيون عن إيجابياته الكثيرة، أن يحدد سياسات بلاده وعلاقاتها ومصالحها تجاه مصر، التي هي العمود الأوسط للخيمة العربية، من خلال الإخوان المسلمين فهذا حزب سياسيٌّ دائم التبديل والتغيير وفقاً لمصالحه الحزبية ودائم الاتجار بمواقفه والتنقل بولاءاته وعداواته بين دول المنطقة وبين المحاور الإقليمية والدولية .
فتركيا بمصالحها ومكانتها وتطلعات شعبها أكبر كثيراً من هذا الحزب الذي كان أكبر «سمسار» للبريطانيين ضد التوجهات القومية والوحدوية في هذه المنطقة والذي وضع نفسه في أحضان الأميركيين ورفع راية «الجهاد» ضد التدخل السوفياتي في أفغانستان وكانت النتيجة هذا الإرهاب الذي بدأ بـ»القاعدة» و «طالبان» والذي تحول إلى «بعبع» عالمي عنوانه :»داعش»و «النصرة» وكل هذه التنظيمات الإرهابية التي بات من الصعب حصرها .
إنه غير جائزٍ أن تتردى العلاقات بين مصر وتركيا وعلى هذا النحو المكلف بسبب الإخوان المسلمين والمفترض، وقد وصلت الأوضاع في هذه المنطقة إلى ما وصلت إليه أنْ تبادر جهة عربية ثالثة إلى السعي لرأب الصدع بين دولتين شقيقتين وبالتالي إلى إعادة صياغة العلاقات بين العرب والأتراك على أساس المصالح المشتركة أولاً وهي كثيرة وذات أبعاد «إستراتيجية» في غاية الأهمية والخطورة وثانياً على أساس التاريخ الطويل الذي شكل أرضية ثقافية واجتماعية بالإمكان البناء فوقها .
يجب أن تكون هناك مبادرة الآن لردم الهوة بين مصر وتركيا فالمنطقة تواجه تحديات كثيرة في مقدمتها التحدي الإرهابي الذي غدا يهدد الجميع والذي كما هو واضح لن يوفر الأتراك كما لم يوفر المصريين.. إن الأوضاع التركية غير مريحة وكذلك الأمر بالنسبة لأوضاع مصر وأوضاع باقي الدول العربية في المنطقة ولذلك فإنه لابد من تغليب القضايا الأساسية والرئيسية على القضايا الثانوية..إنه لابد من أن تخرج تركيا من جلباب الإخوان المسلمين لتصيغ علاقات صحية وصحيحة مع مصر ومع نظام مصر ومع الشعب المصري .