0020
0020
previous arrow
next arrow

عباس كما يريده الصهاينة!

تحدث الرئيس محمود عباس، في خطابه أمام الأمم المتحدة -على عكس ما توقع كثيرون- بلسان الآلاف من الفلسطينيين والعرب والمسلمين أيضا، ولا أريد أن أقول الملايين، عباس أغضب الإسرائيليين والأمريكان، وأثار عاصفة من الاحتجاجات في إسرائيل، واعتبره البعض امتدادا لعرفات، ولكن بوسائل أخرى، آخرون قالوا أنه لم يعد ثمة «شريك فلسطيني» لصنع السلام(!) وفريق ثالث، قالوا أنه نعى السلام، باعتبار أن هناك كائنا حيا كان يدعى السلام ومات!

جدعون ليفي كاتب إسرائيلي يساري، سخر من المشهد بطريقة مبتكرة، فكتب مقالا في هآرتس أمس، وضع فيه ما كان يجب أن يقوله عباس في خطابه، وفق ما يريد اليهود، ما ساقه ليفي، عبقري، بشكل استثنائي، يقول ما لا يستطيع قوله العرب المتصهينون، ويتضمن ما «أنجزته» دولة الصهاينة الإرهابية في عدوانها الأخير على غزة!

إليكم الكلام الذي كان يجب أن يقوله محمود عباس في الجمعية العمومية للامم المتحدة:

«الشكر لكم أن قتلتم فقط 2200 إنسان لا 22 ألفا. وأن قصفتم فقط بعض مدارس الوكالة لا كلها. والشكر لكم أن أسقطتم بعض أبراج المدينة فقط وأبقيتم عددا منها للحرب التالية. والشكر لكم أن قصفتم محطة توليد الطاقة ومصنع الحلوى الوحيد في القطاع، فقد كان ذلك ضروريا لأمنكم.. وشكر خاص أيضا باسم عائلة الدلو التي أبقيتم منها ابن عم واحدا حيا،والشكر باسم 110 آلاف ساكن بقوا بلا بيوت، وباسم من أخربتم بيته لأول مرة فقط لا للمرة الثانية أو الثالثة، والشكر باسم ألف ولد الذين جعلتموهم معوقين، وباسم 1500 يتيم و360 ألفا ممن أصيبت نفوسهم في هذه الحرب، وشكرا على الاستمرار الأهوج على بناء المستوطنات وعلى سلب الأراضي. وأقدم شكرا خاصا على 4 آلاف دونم التي سرقتموها في غوش عصيون؛ فهم يستحقون هذه الكتلة، وشكرا على تدمير البيوت وعلى محاولة التطهير العرقي لغور الأردن وجنوب جبل الخليل، وشكرا خاصا لمستوطني الخليل لأنهم موجودون وشكرا على جدار الفصل وعلى الحصار وعلى الفصل القاسي بين الضفة والقطاع. وشكرا على استمرار إطلاق النار الوحشي على صيادي الأسماك في بحر غزة الذي لا يعتبر بالطبع نقضا للهدنة. وشكرا على الاعتقالات الليلية وعلى الاعتقالات في النهار أيضا. وشكرا خاصا باسم آلاف السجناء وعدد منهم سياسيون بنت لهم إسرائيل غرف مراحيض في السجن. ونرسل شكرا مؤثرا أيضا باسم مئات الأولاد الموقوفين. وشكرا على الإذلال عند الحواجز، وشكرا على الحواجز في الحقيقة. وشكرا على عدل القضاة العسكريين وعلى رحمة موظفي الاحتلال وإنسانية محققي «الشباك»، فلولاهم لما وصلنا إلى حيث وصلنا. وشكرا لكم لأنكم جدا متيقنين من أنكم أبناء الشعب المختار الذي يجوز له أن يفعل كل شيء بالطبع. وشكرا لأنكم لا ترون الفلسطينيين بشرا مثلكم ألبتة. وشكرا على الاستهانة المستمرة بالقانون الدولي. وشكرا متأخرا على النكبة أيضا ولأنكم طردتم وهجرتم 650 ألف انسان. وشكرا لأنكم محوتم أكثر من 400 قرية عن وجه الارض. وشكرا لأنكم لم تُبقوا لها ذكرا ولا شاهدا يدل عليها. وشكرا لأنكم لم تسمحوا لأحد من سكانها بالعودة إلى بيته ولم تفكروا في تعويضهم. وشكرا لأنكم لم تتحملوا مسؤولية عن أعمالكم ولم تأسفوا ولم تعتذروا عنها. وشكرا خاصا (وأخيرا) لأن 1948 لم تنقض عندكم وأنتم تتابعون نفس سياسة السلب والتدمير والقتل حتى هذا اليوم. شكرا لأنكم أوصلتمونا الى اليأس»!

خطاب عباس السياسي ومواقفه عموما، تحظى بحنق ورفض واضحين من غالبية الفلسطينيين، ولكن خطابه في الأمم المتحدة، جاء مغايرا، ومن الأفضل لمن يعارض ما أقول، أن يطالع نص الخطاب، ليعرف جيدا، مغزى قولي، رغم أنه ليس بالخطابات وحدها، يتمايز القادة!