0020
0020
previous arrow
next arrow

القطفة الربيعية الأولى!

الربيع يكسو الغابة ولا يعريها، وما يعلن قدومه في الافق طائر السنونو وليس الغراب، لهذا ينتظره الناس في كل يعام ولكل شعب ربيعه الذي يبدأ بيوم محدد من السنة، لكن المفردات العربية اصبحت من طراز اخر بعد ان مالت على بعضها في القواميس، فقد كان العرب ذات ربيع قومي يسمون من ينعم بالرفاه بانه تبغدد نسبة الى بغداد، لكنهم الان يسمون من يأكل لحم اخيه ونفسه ايضا قد تبغدد بعد ان شهد القاموس العربي انقلابا غيّر دلالات كل الكلمات.

وكانت كلمة فلسطين جاذبة وآسرة ثم تحولت الى عبء وحمولة باهظة يتهرب الجميع من التورط بها، فالطريق الى تل ابيب اقصر من الطريق الى القدس وتلك حكاية تطول.

القطفات الاولى لموسم الحراك العربي بمختلف اسمائه المستعارة والمجازية هي سودانات بدلا من واحد وثمة من يسعون الى تحويل الثنائي الى رباعي فيصبح لنا اربعة سودانات واربعة خراطيم ايضا.

بالامس اعلن السنوسي برقة في ليبيا اقليميا يحكم ذاته، والسجال يدور حول الفدرلة بدلا من الوحدة والدمقرطة وسائر المصطلحات ذات الاشعاع الفسفوري الخاطف للابصار.

وفي مصر يعلن تنظيم كتالة في النوبة شعارات الانفصال ويصمم راية رمزها بندقية، ولا حاجة بنا للتعليق، وفي مصر بلدة جميلة باثارها وتقاليدها ولي فيها اصدقاء منهم الفنان عادل السيوي هذه البلدة يقال ان ساكنيها من اصول امازيغية، لهذا لا بأس ان تعلن هي الاخرى الاستقلال.

ولو كان الوطن العربي بحجم بطيخة عادية لكان من السهل تحويلها الى ثلاثين دويلة ودويلة لكنه بطيخة كبيرة بحجم بعير، لهذا فالمنتظر من تقسيمها ان يصل عدد الدويلات الى سبعين او تسعين!

عندئذ على الجامعة العربية ان توسع مبناها وتتمدد نحو متحف الانتكخافة الذي يجاورها وكذلك فندق هيلتون كي تتسع لتسعين مندوبا وتسعين وزير خارجية وعشرة امناء خاصين، وليسوا عامين!

هذا هو اول الدم لا اول الغيث، والمتوالية تنذر بنهايات لا يعلمها غير الله وفقهاء التقسيم في واشنطن ولندن وباريس وربما موسكو ايضا.

ما يجري تحت اقدامنا لا نشعر به بسبب التحذير الاستهلاكي والانانية الوحشية التي حولتنا الى كائنات تنمو كنبات شيطاني، بلا جذور وبلا عناقيد اما الدويلات الطائفية الموعودة فهي اشبه باشجار اللبلاب، بلا عمود فقري ولا تقوى على الوقوف بدون جدار يسندها لهذا سيكون كل كلام عن استقلالها مجرد نكتة سياسية ثقيلة الدم.

واذا كانت القطفة الاولى بهذه المرارة والعلقمية، فاي موسم ننتظر؟!