0020
0020
previous arrow
next arrow

ومن الضحك ما قتل

إنه مواطن عربي بائس ومقموع، وعاطل عن العمل، تصفح بعينيه الجريدة التي يحملها جاره في المقهى البائس ،فقرأ عنوانا كبيرا في الصفحات الترفيهية يقول(إضحك تضحك لك الدنيا). قال المواطن العربي البائس يؤنب نفسه:

– أيتها النفس غير المطمئنة، ولا القانعة ، يبدو أنك تستحقين كل ما يحصل لك، لأنك التكشيرة السوداء رفيقك الدائم ، ولا أتذكرك تبتسمين، أنظري ماذا تقول الجريدة.وإن مفتاح النجاح هو أن تبتسمي ، لا بل تضحكي للدنيا ، وسوف تضحك الدنيا لك، وتنحل جميع امورك المعقدة، ومن النواحي كافة.

لم ينتظر المواطن العربي البائس أن ترد عليه نفسه ، أو تدافع عن نفسها ، بل نظر الى كل من حوله ، وأطلقها ضحكة مجلجلة هزت أركان المقهى البائس. نظر له الناس أولا بفضول ، ثم انتبهوا الى ضحكه الهستيري الذي لا يتوقف ، فاتصلوا بالدفاع المدني ، وحضر الأمبلنس ، ونقله الى مستشفى المجانين ، وهو يقهقه.

في المستشفى ، وبعد أن تلقى المزيد من الأبر المهدئة ، أدركوا أنه إنسان عاقل ، وربما يعاني من إنهيار مفاجئ، لكنه عاقل تماما.فتركوه لينام تلك الليلة في المستشفى البعيد عن المدينة . وبعد أن سئم المواطن العربي البائس من السرير، قال في نفسه ، انه أخطأ في اطلاق ضحكته بين جماعة من البائيسن مثله، قالها ونزل الى الإستراحة، حيث يجلس الأطباء والممرضون، الذين عرفوا أنه انسان عاقل ، فرحبوا به ، وجلسوا ينتظرون بث جلسة برلمانية مشتركة بين مجلس النواب والحكومة.

بدأت الجلسة ، وقبل أن ينعس المشاهد شرع الشباب يتقاتلون ويتراشقون بزجاجات الماء الفارغة والمكتات والشماغات ، لا بل وصل الأمر الى التراشق بكتيب عن قوانين المجلس وبكتيب عن الدستور.

الرجل البائس قال في نفسه ، علي أن أضحك لعل الدنيا تضحك لي..وأطلقها ضحكة مجلجلة، وهو يؤشر على الشاشة ، ثم نزل على الأرض من شده الضحك .

وبأمر من الطبيب ، أمسكه الممرضون وقيدوه.

وبما أن التشخيص الأولي للرجل بأنه انسان عاقل ، فقد تم تحويله الى الأجهزة المختصة ، لأنه كان يضحك بشكل هستيري .

[email protected]