0020
0020
previous arrow
next arrow

وداعًا برامج التوك شو

احتلت برامج الـ «توك شو» «Talk Show» مكان الصدارة فى الإعلام المرئى فى مصر فى السنوات الأخيرة، وباتت هى الأكثر استحواذًا على المشاهدين مساء كل يوم، وبالتالى أصبح مقدمو هذه البرامج الأعلى سعرًا فى بورصة المذيعين. 

أصبحت المنافسة شرسة بين القنوات الخاصة، لخطف عين وذهن المشاهد، وعلى الرغم من محاولات التليفزيون المصرى للدخول فى حلبة السباق، وتمكنه فى السنوات الأخيرة التى سبقت ثورة الخامس والعشرين من يناير، أن تكون له الغلبة من خلال برنامج «البيت بيتك»، إلا أن الاختبار الذى وقع فيه التليفزيون المصرى فى مواكبة ثورة يناير وما تلاها من أحداث، جعله بعيداًتماماً عن هذا التنافس.

وفى اعتقادى أن الآلة الإعلامية فى أى دولة، لا تتغير استراتيجيتها من قبيل المصادفة، بل هناك محترفون يتمكنون باقتدار من تحويل دفة هذه الآلة وفقاً لأهدافهم، أو على الأقل استثماراتهم.

وكما ذكرنا أن برامج «التوك شو» قد فازت بالنصيب الأكبر فى الأعوام السالفة، فإن الراصد للتكتلات الإعلامية التى ظهرت نهايات عام 2016، ومطلع العام الحالى 2017، يمكنه أن يدرك أن الخريطة البرامجية لفضائياتنا بدأت تأخذ منحنى جديدًا، فأصبح موعد التاسعة مساءً، يحفل بالعديد من برامج الترفيه اليومية، التى تتنافس أيضاً على خطف المشاهد، وهى برامج بها من المقومات ما يتمكن من التأثير فى توجهات «الريموت كنترول».

على الجانب الآخر، تمكنت أيضاً قنوات رياضية جديدة من وضع القنوات التى سبقتها على «دكة الاحتياط»، فمن بروتوكلات تعاون مع فرق شهيرة عالمياً لإذاعة مبارياتها، إلى استخدام تقنيات عالية فى تصوير ونقل المباريات المحلية.

الجديد أيضاً فى البرامج الرياضية، ظهور أجيال شابة من المذيعين، غيروا الصورة الذهنية الثابتة عن مقدمى البرامج الرياضية، فهم يحللون المباريات وفقاً لإحصائيات تتم بشكل مدروس، ويتخلصون من الملابس الرسمية، واللون الموحد لرابطات العنق.

وبين برامج الترفيه، وقنوات الرياضة، بدأ تضييق الخناق على برامج «التوك شو» التى بدت عتيقة، بلغت المشيب، وربما يكون المشاهدون قد ملَّوا منها، حيث لا تغيير فى نهجها، ولا إضافة حقيقية فى مناقشة المشكلات التى يعرضونها بعمق حقيقى، وقدر كافٍ من المهنية.

لست من رافضى برامج الترفيه على الإطلاق، كما أننى أتمنى مزيداً من الحصول على حقوق إذاعة مباريات هامة من خلال القنوات الرياضية، ولكننى على الجانب الآخر، لا أتمنى اختفاء برامج الـ «توك شو»… نحن مسرفون فى كل شىء، متأثرون بالسير خلف من ينجح، دون دراسة لأسباب نجاحه، لا نريد هذا الحصار من البرامج الحوارية، التى باتت صداعًا يعانى منه المتلقى، كما أننا لا نريد احتلالاً جديداً لعقولنا من خلال الترفيه والرياضة.

لكننى لا يمكن أيضاً أن أعتبر ما يحدث من قبيل المصادفة، بل هى إرادة متعمدة، إلا أنها تتم بتأنٍ شديد، وكأننا نستبدل الجد بالهزل، بينما ليس ما يعتبره البعض جداً يتم التعامل معه بهذا المنطق، وليس كل هزلٍ مبتذلاً، فالضحك من أجل الضحك، فنٌ قد يرقى إلى مصاف رفيعة المستوى، لو تم التعامل معه باقتدار فنى، كما أننا اشتقنا إلى عودة المسرح الذى تمكن من المزاوجة بين الفن المتميز، والعمل وفقاً لاقتصاديات السوق… أخيراً، علينا أن ننتظر، ونترقب، ما ستسفر عنه رغبات المستثمرين، وممولى الإعلانات، والرعاة، آملاً ألا يغفلوا حقوق المشاهدين.