0020
0020
previous arrow
next arrow

(واتس اب) نافذة رقمية تجهز على التواصل الإنساني

 تجلس اسيرة لتواصلها الاجتماعي مع اشخاص يقاسمونها العالم الافتراضي، فلا تجد والحالة هذه وقتا للتخاطب مع افراد اسرتها الا عبر رسائل التطبيق الذي توفره خدمات الهواتف الذكية    « الواتس اب «حتى لو ارادت شرب كأس من الماء لينسحب ذلك على كل مضامين خطابها اليومي معهم .
تلك هي العشرينية هند المأخوذة بعوالم افتراضية فصلتها عن واقعها فلم يعد يعنيها -كما تقول- اي نوع من انواع التواصل الاسري المباشر ما دامت تلك التقنية تفي بالغرض على حد اعتقادها  .
ما تفعله هند ليس غريبا ولا مستهجنا على ابناء جيل التقنيات وفقا لمتخصصين اكدوا لوكالة الانباء الاردنية « بترا «  ان التخاطب عبر الواتس داخل المنزل الواحد وبين غرفة واخرى  سلوك يكاد يطال معظم الناس ممن وجدوا فيه وسيلة اسرع واوفر للوقت والجهد.
بيد انهم يحذرون في هذا السياق من الاتكاء على التكنولوجيا الى درجة يكون فيها « الكسل « هو سيد الموقف , ومن تلاشي الحوار بين افراد الاسرة الواحدة تحت مسميات التطور والتقدم وولوج العالم الافتراضي , الذي سيبقى كذلك مهما تطور ..
 فيما ان الاصل ان تكون علاقة الاسرة بعضها البعض حقيقية وجدية تقوم اساسا على الحوارالمباشر  والتلاقي والقواسم المشتركة , وحتى الاختلاف في وجهات النظر الذي يغذي الحوار ويوثق عرى العلاقات العائلية ..  يقول مهند 16 عاما  : انه لا يرى في التخاطب عبر « الواتس اب « داخل البيت الواحد  اي خطأ , فالتقنيات هذه سهلت الحياة , وقربت المسافات , ووفرت الوقت والجهد , فما سأطلبه عبر هذا التطبيق هو ذاته الذي سأتكبد عناء وجهدا للوصول اليه , فلما لا احرق مرحلة وخطوة عبر مجرد كبسة زر ؟   
 الاستشاري الاجتماعي الدكتور فيصل الغرايبة يرى ان التقنيات الحديثة في تبادل المعلومات والحصول على المعرفة هي تقنيات مفيدة ومحمودة وقد سهلت على الكثيرين في الحصول على ما يشاؤون من معلومات وبيانات تشكل اضافة لهم وفائدة ثقافية وذهنية يستخدمونها في تعاملاتهم اليومية وفي اتصالهم مع الاخرين بكل يسر وسهولة وباقصى سرعة ممكنة . 
ويشير هنا الى ان التخاطب عبر « الواتس اب» او اي من التطبيقات المشابهه في البيت الواحد قد يبدو عمليا للوهلة الاولى ولكنه يسهم بلا شك في التباعد الى حد الجفاء بين افراد الاسر ويقيم حاجزا مكانيا ونفسيا يصعب معه رأب صدع العلاقات الاسرية التي تكون قد عاشت غربة غير مقصودة  جراء ذلك .  اصبح التحادث المتبادل بين الجيلين وفقا للغرايبة  نادرا بسبب انهماك الابناء باستخدام التقنيات الحديثة وتطبيقاتها ولم يعد هنالك من وقت متاح  لهم للتعبير عن  افكارهم ومطالبهم وتطلعاتهم ونظرتهم الى الحياة , ولم يعد بامكان الاباء والحالة هذه ان يجدوا وقتا او فرصة للالتقاء بابنائهم سواء للحديث او تقديم النصح و الارشاد او حتى تبادل النكات على اقل تقدير ..
ويرى  انه لابد من وضع حد لانغماس هذا الجيل بتطبيقات تسلخهم عن واقعهم , وذلك عبر الرقابة الاسرية والمتابعة الحثيثة  في ظل  غياب تشريع عالمي يوقف الفضاء,او يحد من تطوره مشيرا الى ان المسألة تبقى رهن التدخل السريع للاسر للتخفيف من الاثار السلبية لما اطلق عليه « الغربة المنزلية « . 
ان الاستخدام المفرط للواتس اب  داخل المنزل ،كما يرى الدكتور الغرايبة لا يقتصر على الابناء بل يتعداه الى الاباء والامهات الذين من المفترض انهم قدوة في كل شي مشيرا الى ان اللوم لا يقع كله على الشباب .. ويؤكد في هذا الصدد على ان المسؤولية تقع ايضا على المؤسسة التعليمية  في توجيه الطلبة  لمراعاة قضية الاتصال المباشر بالاهل وعدم الاعتماد على التقنيات الحديثة لما لذلك من مزايا تربوية جمة , ويعول ايضا على دور وسائل الاعلام ودور العبادة الشي الكثير في التعامل بمنطقية مع وسائل التكنولوجيا المختلفة . .
بدورها تقول الاستاذة المساعدة في   علم النفس كلية العلوم التربوية  بجامعة مؤتة الدكتورة وجدان الكركي  انه: من المعروف ان للتكنولوجيا جانب في غاية الاهمية لجهة توفير الوقت والجهد , ولكن استثمارها بطريقة سلبية يقود بديهيا الى عواقب لا ترتجى , وخاصة لجهة التأثير على متانة ونسيح العلاقات العائلية وخاصة داخل الاسرة الواحدة .
 وتضيف ان  العوالم الافتراضية تبقى كذلك , واذا فشلنا في انتاج منظومة اسرية ذات قوام صلب , فلا نحن نجحنا في عالم افتراضي خيالي ولا تمكنا من الاحاطة بجيل بطرق تربوية صحيحة  .  .
وتحذر في هذا السياق من ان الانكفاء على الذات ومخاطبة الاخر عبر شاشات فحسب يسبب  العزلة والانطواء الامر الذي يرتبط بالاكتئاب مشيرة الى ضرورة الانتباه الى الابناء وخاصة المراهقين منهم من ان تعتريهم مشاعر الحزن وعدم القدرة على الاستمتاع بالحياة وجمالها  جراء « غربتهم « في غرفهم حين يخاطبون اسرهم والناس فقط عبر التلفونات المحمولة سواء عبر تطبيق الواتس اب او غيره مشيرة الى ان علم النفس يحذر من ان التعامل المفرط مع التكنولوجيا يؤثر حتما على الطاقة الايجابية للفرد  . 
 وتدعو الدكتورة الكركي ابناء الجيل الحالي الى اهمية الاستمتاع بجمال الطبيعة والخروج من « السجون الاختيارية « في غرفهم واللعب مع الاقران , واسترجاع ايام اللعب بالحارات وتبادل الخبرات عبر التعلم بالمشاركة الحيوية المباشرة . . 
وتبقى في محور التأثيرات المستقبلية الطبية فتقول ان العلماء يقدرون ان شكل اليد والاصابع وانحناء الظهر والرقبة قد يتغير مع الوقت بسبب الافراط في استخدام التكنولوجيا دون اخذ قسط من الراحة او عدم الانتباه الى الجلوس الصحيح وعدم ممارسة الرياضة وتناول الغذاء الصحي , ذلك ان اعتماد ابناء هذا الجيل على التكنولوجيا جعلهم يركزون على الوجبات السريعة بصرف النظر عن القيم الغذائية لها . 
 وتحذر هنا من ان « الغربة المنزلية « لا تقتصر ايضا على التخاطب مع الاهل عبر الواتس اب  بل انها تخفي تماما ما يفعله « المراهقون « على سبيل المثال حين يشعرون بغياب الرقابة عنهم مشددة على ضرورة متابعتهم حتى لا يقعوا فرائس للمتصيدين والقراصنة من الذي يستغلونهم بطريقة سيئة .