0020
0020
previous arrow
next arrow

دوري المحترفين في أسوأ حالاته الفنية .. لماذا؟

من دون مقدمات، أو مجاملة لأصحاب الأختصاص : دوري المحترفين للموسم الحالي، وبعدما شارف على قطع مرحلة الذهاب، يعد الأسواء على الأطلاق منذ سنوات طويلة، الأسوأ في اطار المستوى الفني!.

.. من تسحره الأرقام، بتقارب المسافة بين عديد الفرق على مركز الصدارة، والتزاحم غير المسبوق على ريادة الترتيب، عليه التمعن قليلاً في المشهد ليعرف السبب الذي يشير بوضوح الى مستوى التراجع بالاداء والنتائج على حد سواء.

يأتي الوحدات من بعيد ليزيح شباب الأردن ومن ثم البقعة، فيما يبدو الفيصلي، على غير العادة، ينزف النقاط .. وفجأة يتبدل الحال بفضل اللقاءات الثلاثة المؤجلة للفيصلي .. ومع انه فاز في واحدة على الوحدات وتعادل في أثنين، مع الرمثا وشباب الأردن، الا أنه وجد الفرصة للعودة الى الواجهة من جديد، خصوصاً وأن الوحدات تلقى خسارة جديدة في الكرك!.

الفيصلي تقدم للصدارة وبفارق الأهداف عن الوحدات .. والبقعة تلقى خسارة أمام الرمثا ما مهد الطريق لخلط الأوراق، فالمطاردة أصبحت ممكنة لأكثر من ستة فرق!.

وفق ما سبق، فإن تقلبات النتائج بين الفرق الطامحة بالمنافسة على اللقب تؤكد حالة عدم الثبات .. التفاوت الفني من مباراة لآخرى .. فالوحدات الذي كان قبل -المؤجلات- في موقف يؤهله للمزيد من التقدم نحو هدف استعادة اللقب خرج من مباراتين متتاليتين برصيد صفر من النقاط .. والبقعة الذي قاد الترتيب لفترة من الوقت سار على نفس المنوال في مباراتين .. والفيصلي الذي جمع 8 نقاط من أصل 12 ممكنة في أخر أربعة لقاءات يجد الطريق مفروشة بالورود .. وهو الذي كان وبمشاركة الوحدات وعلى امتداد سنوات طويلة عندما يفقد أحدهما ثلاث نقاط يفقد اللقب!.

.. الأرقام التي تعكسها مواقف الفرق الطامحة والازدحام على القمة، لا تشير الى القاعدة المعروفة : اتساع المنافسة يعكس تصاعد المستوى الفني. بل على النقيض تماماً تذبذب مستويات الفرق المرشحة دوماً للقب دفع الى تضييق الفوارق النقطية على سلم الترتيب!.

ولكن، لماذا المستوى الفني لمرحلة الذهاب عرف هذا التراجع المخيف؟.

في البداية لا بد أن نستعرض العديد من الوقائع التي قد تسهم بالاقتراب أكثر من الأسباب التي جعلت حوار المنافسة في كبرى البطولات المحلية يبتعد كثيراً عن مستوى الطموحات، ولا يتناسب على الاطلاق مع الانجازات التي تحققها المنتخبات الوطنية.

المحور الأول : الاحتراف – المقصود التداعيات، فالأندية لم تكن مهيأة للتعامل مع الاحتراف وتكاليفه، ومع تصاعد وتيرة التطبيق تنفيذاً للمتطلبات القارية والدولية تصاعدت المعاناة المالية حتى وصلت الى مرحلة التعايش معها بقدر المستطاع .. وبأقل قدر من الاعداد والتجهيز والاستقطاب.

كما أن التعامل مع الاحتراف ومتطلباته بات مهمة صعبة للغاية، فالادارات لم تكن على أهبة الاستعداد للتحول من الهواة الى الاحتراف، وعليه فإن عديد الحالات ساهمت بمضاعفة حجم المعاناة ووفق الأتي :

 – التسويق : الأندية لم تتعامل مع الجانب التسويقي عبر سنوات مضت بشكل يضمن لها توفير الدخل السنوي الثابت .. فالمردود الذي تتحصل عليه من تسويق فرقها لا يكفي لرواتب شهر واحد .. كما أنها لم تقدر قيمة وأهمية الاستثمار الرياضي .. ومنها من قطع شوطاً في ذلك المجال ومع ذلك بقي يعاني .. فالخطوات الاستثمارية جاءت متأخرة ولا تكفي لتحمل ميزانية فريق مصنف بدرجة المحترفين.

– الطيور المهاجرة : الاحتراف فتح الأبواب أمام اللاعبين لتلقي عروض خارجية، ووجدت الأندية أن ما تتحصل عليه من الموافقة على عقود احتراف لاعبيها في الخارج يساعد في التخفيف من المعاناة المالية .. لكن المشكلة ان الأندية وخصوصاً التي كانت تضم نخبة من اللاعبين المتميزين وجدت صعوبة في تعويض غيابهم ما انعكس سلباً على أداء فرقها .. والفئات العمرية وفي الأندية كافة ليست بحالة جيدة حتى تضمن رفد الفرق الأولى .. وسد فراغات الطيور المهاجرة!.

 – البنية التحتية : هي مشكلة كرة القدم الأردنية، بل وأحد اهم التحديات التي تواجه اللعبة .. والأندية تعاني الأمرين في ذلك الجانب .. فهي تضطر كثيراً الى استئجار الملاعب لتدريبات فرقها .. كما أنها لا تنعم بمزايا الاحتراف .. لقاءات بيتية تعود بالفائدة والريع .. كما أن عدم الانتظام في التدريب، مرة على نجيل طبيعي ومرات على اصطناعي يجعل المستوى الفني في انحدار دائم!.

 المحور الثاني : انتظام البطولات – معروف أن انتظام البطولات المحلية يساعد بشكل كبير في الارتقاء بمستوى المنافسات ما يعود بالفائدة على الجانب الفني، لكن ما تعانيه بطولة الدوري في السنوات الماضية من عدم انتظام وتوقفات وتأجيلات يدفع في اتجاه معاكس وهو بالطبع يؤثر بشكل واضح على نقاط رئيسة ووفق الأتي :

– الاعداد .. والجاهزية : يخضع الفريق دوماً لفترة اعداد رئيسية تسبق انطلاق منافسات الموسم .. وتتركز على الجوانب البدنية ومن ثم الفنية .. لكن عندما تعترض البطولة توقفات خصوصاً بفترات طويلة، فإن الفرق تضطر الى الرجوع من نقطة الصفر في الاعداد ما ينعكس بصورة سلبية على المستوى الفني، .. اعداد ومن ثم مشاركة فتوقف فاعداد وهكذا!.

– الحضور الجماهيري : عدم انتظام البطولة، التوقفات، تؤثر بشكل كبير على الحضور الجماهيري، ذلك أن تصاعد مؤشر المنافسة يدفع الى تعزيز مستويات المتابعة الجماهيرية ما يعود بالفائد المالية على الأندية، عوائد الريع، وبخلاف ذلك فإن تراجع الحضور يضاعف حجم المعاناة المالية.

– الرعاية والنقل التلفزيوني : تشكل الرعاية التسويقية من اهم الجوانب التي تعود بالفائدة على الأندية، ولكن عدما يعترض المسابقة توقفات وتتغير الجدولة في اكثر من مرة فإن الصورة تهتز لدى الجهة الراعية .. وللتوضيح أكثر، يشكل النقل التلفزيوني وعوائده المالية أحد أبرز مداخيل الأندية .. ولا شك لو كان مستوى البطولة فنياً يتجه نحو مؤشرات ايجابية لكانت المنافسة على حقوق نقل الدوري ستضمن ارتفاع قيمة عقد الرعاية .. كما أن تبيت البرنامج الزمني للبطولة من الشروط الرئيسة التي تركز عليه المحطات التلفزيونية، في ظل اتفاقاتها الموقعة مع الجهات الاعلانية والتسويقية.

وفق ما سبق، فإن تلك المحاور والنقاط قد تشكل في مجملها الاجابة على تساؤلات التراجع الفني لمستوى بطولة دوري المحترفين، وهي جميعها تراكمت منذ سنوات لتبلغ مدى تأثيره السلبي في الموسم الحالي، ما يضاعف حجم المسؤولية لدى الاتحاد والأندية على حد سواء خلال المرحلة المقبلة .. مسؤولية استعادة الدوري لبريقه حتى تتعزز الجوانب الفنية ما يخدم توجهات المنتخبات الوطنية التي تشكل قمة العمل والانجاز.