0020
0020
previous arrow
next arrow

ماهي قصة الشاب الذي فقد ابنه في اربد .. تفاصيل مؤلمة

وكالة الناس – يتناقل سكان بلدة جديتا هذه الايام قصة الشاب هلال بني ملحم، الذي فقد فلذة
كبده « عون « ابن العامين تقريبا ، وسط صمت وحزن كبيرين لم يعرفهما من قبل ،
لازم المقبرة طول الوقت يجاور قبر ابنه ، لا يفارقه لحظة من خوفه عليه ، كأنه حي يلعب
أمامه، فكان ينظف ويزيل الاعشاب ويرتب الممر الصغير حول القبر حتى يبقى صغيره
يحس بالامان ويرتاح جسده الملائكي بروعة الجمال.
وذات يوم ، يقول المكلوم هلال بني ملحم ، جالت بخاطري اسئلة كبيرة ، حين كنت
افترش قبر ابني ، اليس هؤلاء الموجودون تحت التراب ، كانوا يوما ما ينعمون بدفء
الحياة وجمال المنظر ؟ بيوتهم نظيفة وشوارعهم معبدة ، وحدائق منازلهم تكسوها
اشجار ونبات الزينة التي تفوح منها روائح الطيب والعنبر ، فلماذا لا يستمر الاحياء منا
بخدمتهم بذات النظافة وذاك الجمال ؟ ام اننا اناس سرعان ما ننسى من هم تحت
التراب ؟. واضاف « لم اتمالك نفسي وهذه الاسئلة بدأت تتفاعل بداخلي وتطاردني مثل
«دب النار بالهشيم» ، فكنت اسأل واجد الجواب واحيانا كنت ابحث عن المبرر ، لكن قبر
عون بقي يشدني ويرسم الاسئلة امامي ، قلت ، ما العمل اذن ؟ اليس من الواجب
الديني ان نحافظ على حرمة مقابرنا ؟ ولماذا لا نحقق ذلك ؟ ومع ذلك كنت احس ان
المرحوم عون من تحت التراب يناجيني ، افعل يا ابي ، ابدأ بنفسك ، وان االله لا يضيع
اجرك ، كبرت هذه الايحاءات برأسي ، وبدأ المشوار بجعل مقبرة «بني ملحم» حديقة
بقالب القبور.
ويحكي هلال ، ذرفت الدموع حتى بللت قبر «عون» حبيبي ، الذي ان نسيه فكري لحظة
ذكرتني عواطفي وخلجات قلبي به ، عزمت الهمة وشعرت ان شيئا ما بداخلي
يدفعني للعمل بقوة لم اعرفها ، فقمت ببناء القبر بالحجر المشذب وزرعت وردات زهرة
حياتي التي لامس ترابها الناعم جسد قرة عيني ، ثم جعلت حول القبر مفترشا لزواره ،
المتضرعين بالدعاء الى االله ان يرحم من احتضن التراب جسده الطاهر ، وبعدها وجدت
لزاما علي ببناء درج اسمنتي صغير يوصلني اليه. ومرت الايام وانا اجالس حبيبي عون
في غربته الابدية ، تارة ابكي واخرى اترحم وادعو له ، الا ان صداقة القبور وزيارة اهلها
لازمتني يوميا ، فصرت اصحو كل صباح على نداء «عون الابن» ، لي لا تتأخر عليّ ، وحتى
اهل القبور صار بيني وبينهم عقد ان ازروهم ، وصرت اشعر ان لهم حق عليّ ، ان
انظف وازيل الاعشاب من حول قبورهم اسوة بابني الذي رحل عني منذ اكثر من
عامين.
ويؤكد هلال ، ان العمل الذي سوف يقوم به يحتاج الى فزعة ودعم من الاهالي ، فقرر
نشر منشور بصفحة العشيرة على الفيسبوك يدعو الشباب لمساعدته في مشروعه
الخيري التطوعي ، حيث لاقى رواجا وقبولا ملحوظا ، تمكن بعده وبمساعدة من
الشباب البدء بعمل الممرات على شكل الدرج ، الى جانب جدران استنادية للقبور منعا
لانهيارها ، وترميم القبور القديمة والسور الخارجي.
فبعد الحزن يأتي العزم والقوة والعمل الصالح المطلوب اجره من االله قبل العباد ،
فباشرت انا ومن قاسمني الفكرة والخدمة التطوعية بوضع خطة عمل شاملة ، سوف
تؤدي في المستقبل القريب الى تحويل المكان الى حديقة تنتشر بها لحود اجدادنا

وابائنا وابنائنا ، وهم فرحين ان الاحياء لا ينسون تكريم الاموات حتى تحت التراب ، وان
غدا لناظره قريب. ويقول هلال انني اقضي سحابة يومي وانا اجول واتنقل بين القبور ،
اتخيل وافكر في كيفية تحقيق مشروعي العظيم الذي اعتبره اجرا وثوابا عن روح ابني
عون ، الذي مكث بالدنيا اشهرا معدودات ، لا يعلم ان هذا القبر سوف يلف جسده
الطري الى الابد ، ويتركني ابحث بين القبور عن الاجر والثواب ، داعيا االله العلي القدير
ان يتحقق مشروعه لا سيما انه الاول في بلدته وربما في البلدات الاخرى.الرأي