0020
0020
previous arrow
next arrow

غزة .. ابداعات تحت الحصار!!

وكالة الناس – يستغرق الشاب خليل سرور، بضع دقائق، لرسم فتاة فلسطينية تلف على رأسها «الكوفية»، باستخدام جهاز لـ»الحرق على الخشب»، (جهاز كهربائي حراري يشبه القلم).
هذا القالب من الفنون البصرية، الذي يتقنه الشاب سرور (25 عاماً)، رغم دراسته التربية، أصبح مصدر دخل له ولزوجته، بعد عدة محاولات للحصول على فرصة عمل في تخصصه الجامعي، إلا أن نسب البطالة المرتفعة دفعته نحو تطوير هوايته بالرسم.
ووصلت نسبة البطالة في قطاع غزة 43%، فيما يحصل نحو 80% من سكان القطاع على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية، وما يزال 40% منهم يقبعون تحت خط الفقر، وفق إحصائية صادرة عن البنك الدولي، في أيار الماضي.
يقول سرور إنه «يستمتع كثيراً في قضاء وقته برسم لوحات خشبية، من خلال جهاز الحرق، (الكاوي)، الذي يعد أسلوباً غير منتشر على نطاق واسع في غزة، ويمنحه تميّزاً أكثر في عالم الفن».
ويضيف متحدثًا للأناضول:» أحب الرسم، إنه يمنحني السعادة، وأصبح مصدر رزقي أيضًا».
وينتج سرور لوحاته، من خلال رسمها أولا بقلم الرصاص على لوح خشبي، تختلف أحجامه بناء على طلب الزبون، ثم يستخدم جهاز الحرق لإعطائها ملامحها النهائية.
ويبلغ متوسط الدخل الشهري للفنان الشاب، نحو (300 دولار أمريكي)، من رسم اللوحات وبيعها بأسعار تتراوح بين (13 دولارًا) و (31 دولارًا)، حسب قوله.
ويعاني سكان غزة من نقص السيولة المالية، لعدم توفر الوظائف، وارتفاع نسب الفقر، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير في تموز 2014، الذي تسبب في تدمير 5000 منشأة اقتصادية بشكل جزئي وكلي، وفق أرقام وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
ويضيف سرور، «هناك اقبال جيد بشكل عام من الزبائن على طلب رسم صور شخصية أو ميداليات أو بطاقات تهنئة أو معايدة، فهذا يعتبر نوع جديد من الهدايا المتبادلة بينهم».
وأشار إلى أن إغلاق معبر رفح، ومنع الوفود المتضامنة مع غزة من الوصول إلى القطاع، أثر على عمله بشكل كبير، مضيفًا، « كان للوحات الحرق على الخشب سوقًا جيدة جداً، فثمنها مقارنة في بلدان الوفود القادمة إلى غزة منخفض».
وتغلق السلطات المصرية معبر رفح البري، المنفذ الوحيد لسكان قطاع غزة، بشكل شبه كامل، منذ عزل الرئيس المصري محمد مرسي، عام 2013، أول رئيس مدني منتخب، وتقول بأن فتحه مرهون باستتباب الأمن في شبه جزيرة سيناء المصرية.
«ويحتاج فن الرسم بواسطة جهاز الحرق «الكاوي» إلى مهارة عالية وتركيز، فمن خلال الحرق عليه يجب أن يُظهر أدق تفاصيل الرسم وملامحه، وهذا ليس بالأمر السهل»، وفق سرور.
وفي إحدى قاعات مطعم على شاطئ بحر غزة، يتخذ ناجي نصر (38 عاماً) مكاناً لرسم لوحاته بالحرق على الخشب.
ويمرّر نصر، الذي يعاني من إصابة في قدمه، بسبب قصف إسرائيلي خلال الحرب على غزة، جهاز «الكاوي» على لوحة تجسد شخصية الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
ويقول ناجي إنه «يأتي إلى المرسم ثلاثة أيام أسبوعياً، وأن أعماله تلفت أنظار الزوار وتنال إعجابهم، «بل إن العديد من الزائرين يشاهدون هذا الشكل من الفنون البصرية».
وأضاف متحدثاً للأناضول، «لديّ هواية الرسم منذ صغري، وقبل نحو عشرين عاماً درستها، وقبل عامين بدأت أرسم بالحرق على الخشب».
ويشعر ناجي الأب لثلاثة أطفال، بالراحة النفسية أثناء الرسم، «وأنسى أوجاع مدينتي المحاصرة التي تعاني من ظروف معيشية قاسية».
وفي ذكرى رحيل الرئيس الفلسطيني «ياسر عرفات»، في تشرين الثاني الماضي، أقام نصر، معرضاً فنياً يضم 70 لوحة لصور قادة وسياسيين وشهداء فلسطينيين.
وتابع:» تصلني العديد من الطلبات من زبائن خارج القطاع، يرغبون في انجاز لوحات خاصة لهم، لكنني أضطر لرفضها جميعاً؛ بسبب الحصار، «إضافة إلى أننا نواجه مشكلة في الكهرباء».
وأشار نصر إلى أنه اضطر للانتظار 6 أشهر حتى يصل له جهاز الحرق، إلى قطاع غزة، ويخشى أن يصيبه العطل، «لأن أية عملية إصلاح لن تتم في القطاع لعدم توفر المعدات اللازمة لذلك أو حتى قطع الغيار». وتفرض إسرائيل حصاراً على قطاع غزة، منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، في الانتخابات البرلمانية، عام 2006، ثم شددته منذ منتصف عام 2007.(الأناضول)