0020
0020
previous arrow
next arrow

كيمياء التكامل والتــآكـــل !

كل ما كتب وقيل خلال العقود الستة الماضية عن التكامل العربي تحول بفضل التخلف والنّرجسية العمياء الى تآكل، فالعالم العربي يأكل بعضه الان، ويتولى اهله نيابة عن اعدائهم مهمة التفكيك وتحويل ما فيه من ثروات الى غنائم . مائة عام من الضجيج وليس من العزلة على طريقة ماركيز انتهت الى هذه المراوحة، والى مائدة جديدة يسجى فيها العالم العربي فيما تتوغل في لحمه وعظمه وحتى النخاع السكاكين ! وستبدو المصيبة اعظم لأن العرب يعلنون بمختلف الاساليب عن ادراكهم لهذه الكارثة، وما يبثه اعلامهم المسيّس والمسيّر يمارسون عكسه تماما، فالجميع يرددون مقولات افقدها التاريخ صلاحيتها لأنها منزوعة المحتوى منها المنعطف الخطير الذي تمر به الأمة، والتحديات التي تهددها والارجح ان ازدواجية الخطاب افقدت الشعوب الثقة بكل ما تقرأ وتسمع، لأن حارميها لن يكون حاميها وفاقد الشيء لا يعطيه، ومن يتحدث عن فضائل الوحدة والتكامل يخفي وراء ظهره السكين كي يقتطع حصته من اللحم وليس من التراب فقط ! وهذه مناسبة كي نسأل من يثرثرون عبر الشاشات حول معرفتهم المسبقة لمخططات التفكيك والتقسيم والتطييف، لماذا صمتوا ام انهم يزعمون بأنهم قرأوا برنارد لويس وبرنارد ليفي وتقارير بول فويتس عام 1979 لمجرد ايهام الاميين بأنهم الفقهاء والخبراء ؟ هذا السؤال يجب ان يتحول الى مساءلة معرفية واخلاقية وسياسية ايضا. فمن كان يعلم وصمت هو متواطىء بل شريك في هذه الجرائم، فبأية معجزة ارضية تحول التكامل الى تآكل، والفائض الى نُقصان والتعليم الى تجهيل وأضعف الايمان الى شلل رباعي ؟ وكم نشعر بالاهانة القومية عندما نقرأ لكتاب من طراز روبرت فيسك وفريدمان وتشومسكي وآخرين وهم يعربون عن دهشتهم من لامبالاة العرب بما يجري لهم فهم يتفرجون على مصيرهم كما لو انهم خارج مدار جاذبية الارض ! –