0020
0020
previous arrow
next arrow

كورونا بين التجريم والعقاب


عرف قانون الصحة العامة رقم 11 لسنة 2017 المرض المعدي بأنه المرض الناتج عن الكائنات الحية الدقيقة كالبكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات وما شابهها سواء انتقل العامل المسبب للعدوى من مستودع المرض أو مصدره الى الإنسان بشكل مباشراوغير مباشر.

وقد ورد في المادة 22 منه أنه يعتبر مرتكبا للجرم كل من أخفى عن قصد مصابا أوعرض شخصا للعدوى بمرض وبائي او تسبب عن قصد بنقل العدوى للغيرأو امتنع عن تنفيذ أي اجراء طلب منه لمنع تفشي العدوى يعتبر أنه ارتكب جرما يعاقب عليه بموجب احكام هذا القانون ؛ ويفهم من هذا النص القانوني أن التجريم يشمل كل إنسان بصفته الشخصية أوبصفته الوظيفية أوأي شخص اعتباري سواء كان مؤسسة حكومية أوغير حكومية كما يشمل التجريم أي فعل إيجابي أوفعل سلبي كالإمتناع عن القيام بفعل بموجب القانون مما تسبب بانتشار العدوى ؛ ومن ذلك نضرب مثلا امتناع الطبيب المشرف عن عزل المصاب بشكل يمنع انتقال العدوى للغيرأوامتناع مديرمديرية الصحة عن أخذ العينات المخبرية من مرضى أومخالطين أومشتبه باصابتهم بمرض معد لإجراء اللازم ،أوعدم اتخاذ وزير الصحة أو من يفوضه الإجراءات اللازمة لمنع انتقال العدوى للآخرين .وبالرجوع لنص المادة أعلاه والتي ذيلت بأنه يعاقب مرتكب هذا الجرم وفقا لأحكام هذا القانون ( قانون الصحة الأردني أعلاه ) وبمراجعة العقوبات الواردة في نفس القانون لم نجد أي عقوبة لجرم التسبب المقصود بنقل العدوى المرضية للغيرولم تدرج مجازاة هذا الجرم ضمن العقوبات المنصوص عليها في نفس القانون مما يترك التسبب المقصود بنقل العدوى المرضية فعلا غير معاقب عليه في قانون الصحة العامة الأردني رغم النص على تجريمه ! كما لم يرد في القانون أعلاه أي اشارة للتجريم ضمن قانون العقوبات الأردني باعتبارالأخير صاحب الولاية العامة في ايقاع الجزاءات .

لقد حدد قانون العقوبات الأردني الجزاءات على جرائم القتل القصد والقتل غير المقصود والقتل الخطا كماعاقب على افعال الإيذاء المفضية لبترعضوبشري أوالمفضية لمرض أو لتعطيل وبذلك نستطيع القول أن أحكام قانون العقوبات تتضمن المجازاة على جرم نقل العدوى المرضية سواء بفعل ايجابي أوسلبي بجميع الأشكال التي قد يفضي اليها إلا ان العمومية والضحالة تنعكس على أحكام المحاكم الجزائية في الأردن و التي للأسف تخلو من مصطلحي التسبب بمرض أو نقل العدوى .

وعليه فإن جرم تقصد نقل المرض المعدي والذي قد يصل للقتل القصد بحاجة لتشريع نصوص خاصة تحيط أحكامها بحداثة التكنولوجيا وتنوع الوسائل العلمية المرئية منها وغير المرئية في ظل الحرب البيولوجية التي اشتعلت والتي أحالت عملية تمحص القضاء للقصد الجرمي لمرتكب الجناية عملية اكثر سهولة من تتبع خبراء المحاكم لفيروس كورونا بسبب الإفتقار للوسائل العلمية المطورة والأحكام القانونية الساندة للصالح العام مما يفتح الباب للمطالبة بتشريع خاص بجرائم نقل العدوى المرضية والتسبب بالقتل والإيذاء.

المحامية مرام المغالسه