0020
0020
previous arrow
next arrow

في إنطلاقة فتح 49 بحاجة إلى ميلاد جديد

في إنطلاقة فتح 49 بحاجة إلى ميلاد جديد

في ذكرى إنطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة ، إنطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني ـ فتح ـ كان البلاغ الأول إيذانا بميلاد فجر جديد ، ميلاد الثورة الفلسطينية المسلحة لتكون فتح أول من تبنّى الكفاح المسلح لتحرير فلسطين ، في ظل عالم كان لا يفهم لغة غير لغة القوة لم يرق ذلك لبعض الأنظمة العربية التي كانت تخشى على نفسها من عدوان صهيوني في ظل إفلاسها وإنشغالها بالمهاترات السياسية في ذلك الوقت ، فشنت حملة إعلامية واسعة على حركة فتح ، وشرعت بحملة إعتقالات طالت معظم قيادات الحركة ، وعلى رأسهم قائدها ومؤسسها الراحل ياسر عرفات. ولم تمنع كل إجراءات المنع والملاحقة والتضييق من مواصلة مسيرها ,ولم يكن الكفاح المسلح مجرد شعار فضفاض ترفعه الثورة الفلسطينية ، بل كان جملة من المضامين والتوجهات المثمرة. فحيث تواصلت العمليات الفدائية في عمق الكيان المحتل ، كانت ‘فتح’ تدير جملة من المسارات الهادفة إلى بلورة الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني عبر منظومة متكاملة من الأنشطة العسكرية والسياسية والإعلامية والنقابية والثقافية التي حولت واقع الشتات البائس إلى كينونة وطنية .
نتوقف أمام هذه التجربة النضالية للشعب الفلسطيني الذي يعاني اليوم من ويلات الإنقسام الداخلي ، ونتساءل أين توحيد الجهود وتكثيفها لإستكمال إنجاز المهام الوطنية التحررية ، في ظل إحتدام الصراع الدائر مع الإحتلال الصهيوني ، ولماذا لم نضع تناقضنا جانب والعمل على إعادة تفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وبإعتبارها الممثل الشرعي والوحيد والكيان السياسي والمعنوي للشعب الفلسطيني يتطلب أفعال وليس أقوال ، ولأنه الإتفاف الذي نطمح له لا بد من إعادة النظر في الأداء والسلوك ، ولأنها بدايات تحقيق الحلم لا بد من صياغات جديدة تتلاءم وحجم الحلم ، ولا بد من قلب الطاولة على الوسائل البالية التي باتت تشكل عبئا كما تشكل المعضلة الأكبر أمام تحقيق الحلم ، وقيام الدولة يجب أن ننزل عن عروشنا الوهمية ونغلب صوت الجماهير على صوت الواسطة ، ويجب تغليب صوت فلسطين على نبرة اللهو الجماعي الذي مورس على مدار سنوات تحت مسميات عدة ، ويجب تغليب صوت القيادة الجماعية في إدارة البرنامج الداخلي على صوت النبض الذي أصبح مجسا بأيدي دولا وشرائح وقبائل.
فلسطين تستحق برنامجا داخليا موحدا قادرا على إدارة الأزمات ، كما تستحق أن يرفع علمها بألوانه التي شهد عليها أطفال الآر بي جي في لبنان وأطفال إنتفاضة الحجارة في فلسطين ، ولأنها فلسطين الوطن القومي لكل فلسطيني تاه عنه العدل لا بد من رص الصفوف ليعلو صوت فلسطين في وجه الظلم …. إنها ثورة تنبض بالسياسة ، ثورة تحاكي الحقوق ، ثورة تصنع المستحيل في أروقة المتناقضات العالمية ، ثورة في حلم عجوز للعودة، ثورة المفتاح الذي يلمع في سلاسل الصدأ العالمية ، ثورة الأجيال التي لا تنسى أن البرتقال يافاوي الأصل والمنبع، وإحتضنوا الحلم الفلسطيني كما أطلقته خنادق الصبر والصمود والريادة في الوطن وفي كافة أماكن اللجوء والشتات الفلسطيني , بالأمس تجسدت فلسطين في وقفات الميادين الفلسطينية ، التي أبت إلا أن تبقى فلسطينية الروح والنبض والوجدان!
إن شلال العطاء الفلسطيني من أجل الأرض والإنسان والقضية بشتى أشكاله وصوره النبيلة والمشرفة مستمر ومتواصل ، ولنا في كل لحظة شهيد بل وموسوعة الشهادة والإستشهاد التي إستوجبتها النكبة الكبرى لتخليد الدم الفلسطيني الطاهر ما زالت مشرعة الأبواب ومفرودة الصفحات لإستقبال سير جديدة لكواكب من الشهداء الجدد ينضمون إلى إخوة ورفاق لهم سبقوهم إلى شرف الشهادة ، إلى أن تتم العودة ويتحقق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة .
في هذه المناسبة الوطنية العظيمة نرى من الواجب علينا أن نحيي المناضلين والشهداء والأسرى والمعتقلين الذين يرزحون في سجون الإحتلال الصهيوني وكل الأسرى والأسيرات والأسرى العرب ، لنؤكد لهم أن طريق النضال هو طريق الشهادة والحرية وأن فجر الحرية بات قريب ، الثورة والانطلاقة قد بدأت ، وكما قال الزعيم الخالد جمال عبد الناصر إن الثورة الفلسطينية وجدت لتبقى وكما قال الشهيد ياسر عرفات إن الثورة وجدت لتبقى ولتنتصر , ولذلك فان غياب التسلسل التنظيمي ، والإبتعاد عن الشورى والمشورة وتبادل الرأي واحترام القاعدة ، وعدم اطلاع العناصر قبل الكوادر على مجريات الحال ومستجدات الأمور، والتحدث إلى التنظيم دون خصوصية هذا الغياب المتعمد وغير المتعمد أحيانا أفقد الفتحاويين الزخم التنظيمي الذي لا يليق بحركة فتح العملاقة ولا بتاريخها ومسيرتها.
الإخوة أعضاء اللجنة المركزية ، لا ينكر أحد أن ما آلت إليه نتائج الأحداث في الشارع الفلسطيني بوجه عام وأبناء التنظيم المخلصين بوجه خاص حتى يومنا هذا وينذر بتداعيات كثيرة وربما طويلة أيضا وهو ما يضع الحركة أمام خيار صعب شديد التأثير والقسوة ويدعو المخلصين الحركيين الملتزمين إلى التداعي واللقاء والحوار وإعلاء الصوت بجدية واستمرار ، من أجل التجديد والتغيير وتحديث أساليب العمل ، وبصفتكم اعلي هيئات التنظيم ، يجب الأخذ بعين الاعتبار إعتماد مناهج الجماعية والتضامنية والتكاملية وإتاحة الفرصة للشباب وتطويرهم وإعداد الكوادر نحو قيادات شابة رديفة فيجب استخلاص العبر.
المطلوب إعادة تشكيل الأقاليم وخاصة الخارجية والعمل على عقد مؤتمر فتح السابع والمطلوب من اللجنة التحضيرية للمؤتمر عدم تكرار ما جرى في مؤتمر فتح السادس ، والإستفادة من الأخطاء السابقة ، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، وتمثيل كل الأقاليم بالمؤتمر ، وعدم زج أعضاء غير قادرين على تحمل المسؤولية ، والعمل على أن يكون المؤتمر خارج الوطن حتى يتسنى للجميع حضور المؤتمر، المطلوب مسيرة تصحيح في البرنامج العسكري والسياسي والتنظيمي , والمطلوب من قيادة الحركة إستخلاص العبر من الأخطاء السابقة حتى لا تتكرر هذه الأخطاء.
إن المتتبع لحالة حركة فتح هذه الأيام ينتابه شيء من الخوف والقلق على مصير ومستقبل الحركة التي إجتاح هياكلها وأطرها ومؤسساتها ومؤيديها ومناصريها الخلافات و الإحباطات ، وهذا يتطلب تدخلا سريعا من الكل ، الفتحاوي المكلف والغير مكلف ، لإنهاء ملف الخلافات الداخلية وتوحيد صفوف الحركة ، والنصر سيكون حليف حركة فتح لأنها تمتلك جميع مقومات الإنتصار في المرحلة القادمة , توحدوا أيها الفتحاويون ففي وحدتكم نصر ، ونصركم نصر لكل فلسطين ، والكثير من أبناء شعبكم يراهنون عليكم ، فكونوا أهلا للأمانة الملقاة عليكم ، فأنتم حملة إرث الشهداء ، والمؤتمنون على مصالح الجماهير، والأوفياء لوصايا الشهداء الأبرار، لنحقق مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ، وعلى ذلك فان الخروج من مأزق الذي هو سبب في خدش حركة فتح هو الوصول إلى العقل وأعماله ، وإستخدام المنطق لتحقيق الأفضل وذلك يتطلب الحزم بعيد عن الصراعات والمصالح الخاصة ، وبعيدا عن مفردات ومصطلحات الفرقة كالقول بالداخل والخارج ، والشمال والجنوب ، والشرق والغرب ، ووضع معايير حركية تعتمد على النظام الداخلي وهيكل البناء الثوري ، والبرنامج السياسي القادر على التعامل مع الواقع والحق وما يحفظ الحقوق الثابتة وإعادة ترتيب التنظيم في كافة المواقع بالداخل والخارج وتشكيل لجان قوية تقوم بالمساءلة والمحاسبة.
وفي الختام أقول ليس عيبا أن نخطئ ، وإنما العيب في الإصرار على ممارسة الخطأ ، والحق أن من يعمل يخطى ، ومن لا يعمل لا يخطى ، ولذلك لا بد من العمل المتواصل والجاد وأن نقرأ بعد كل حين مسيرة العمل ونضع الدراسات للمتابعة والتقويم والاستنتاج ، وفي هذا السياق أقول كذلك .. ليست المرة الأولى التي يختل الميزان في حركة فتح وندعو الله أن تكون اليوم آخرها وهذا يتطلب أن تعد فتح لميلادها الجديد ، فالميلاد على أرض الوطن أكثر واقعية وعقلانية وأوضح رؤية ، وأكثر قدرة على الرصد وحصر الإمكانيات ومعرفة السبل ، وأكثر إقترابا من المنطق.
الإخوة أعضاء اللجنة المركزية ، الوقت ما زال معنا والمهم أن ننطلق في ولادتنا من جديد وإن الجماهير في الإنتظار حيث لا ننسى ما حدث في ذكرى إنطلاقة حركة فتح 48 الجماهير التي خرجت في غزة وتطالب بإعادة الوحدة الداخلية لحركة فتح والوحدة الفلسطينية عامة ، و الحاجة ماسة إلى ميلاد جديد لحركة فتح ، وقيادة المسيرة التي إنطلقت بها وعبدت الطريق إلى القدس عاصمة الدولة الفلسطينية.

وإنها لثورة حتى النصر

بقلم الكاتب جمال أيوب