0020
0020
previous arrow
next arrow

حبس المدين المعسر

تخضع المعاملات المالية بين الناس لمباديء قانونية اصيلة مثل حق الشخص بذمة مالية مستقلة وحق الاشخاص بالتملك وبذلك رتبت النصوص القانونية آثارها بناء على سبب انتقال المال من شخص لآخر أو بناء على ترتب حق مالي لشخص بذمة آخرين ، ويعتبر الدائن صاحب الحق بمطالبة المدين قضائيا سواء لدى المحكمة المختصة او بواسطة دائرة التنفيذ وفقا لوسيلة اثبات الدين؛ ومهما جدت نصوص ترتب حق ومهما اختلفت اختصاصات المحاكم يبقى الدائن صاحب حق اصيل في المطالبة بحقوقه المالية. وتعتبر صلاحية دائرة التنفيذ باصدار قرار حبس المدين – بناء على طلب الدائن – وسيلة للضغط عليه ودفعه لاداء الحقوق لأصحابها ومنعه من التهرب اوالمطل اوتهريب امواله وادعاء الإعسار، ولا يعتبر قرار الحبس التنفيذي ولا باي شكل من الاشكال عقوبة للمدين بل هو مجرد وسيلة ضغط لتحصيل الحق كما لا تعتبر صلاحية الحبس مطلقة فقد وردت موانعها بصريح النص في كل من المادة 14 من قانون التنفيذ الشرعي رقم 10 لعام 2013 والمادة 23 قانون التنفيذ الاردني رقم 29 لعام 2017 حيث فٌنٍّدت المادتان موانع حبس المدين كأن يكون موظفا حكوميا اووارثا لمدين ؛ ورغم تنوع الموانع في المادتين إلا ان كليهما غفلتا عن منع حبس المدين المعسرعند ثبوت اعساره وتجاوز كلا القانونين عن تعريف مصطلح المدين المعسررغم اهميته اضف الى ان كلا القانونين لم يميزا بين مدد اخطار المحكوم عليه نتيجة سند نفذ خلال اسبوع وبين مطالبة مالية بمواجهته نظرت قضائيا لسنوات. ويمكننا تعريف المعسر بأنه من لا يقدر على اداء دينه فلا مال له ولا ملك ولا يرجى من حبسه اداء دين لدائن ولا استرداد طالب لحقه ؛ ولا يعدو قرار حبسه في هذه الحالة الا ان يكون قرارا سالبا لحريته ومعيقا لتنقله ومانعا من تسديد دينه ومجوعا مشردا لمن يعيل وهذا كله يجرد حكمة اصدار قرار الحبس من مشروعيتها وينافي صلاحية الحبس عن مقاصدها . وقد ذهب جمهور الفقه الإسلامي الى ان المدين المعسر يمهل حتى يوسر ويترك ليطلب الرزق لنفسه وعياله والوفاء لدائنيه ولا تحل مطالبته ولا ملازمته ولا مضايقته لقوله تعالي ” وإنْ كانَ ذُو عسرة فنظرة الى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ” البقرة 280 ولأدلة الحديث ، كما يعتبر حبس المدين لالتزام مدني انتهاكا لاحكام المادة (11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يعلوعلى القانون المحلي الاردني . ولن يفوتني هنا الا ان اقول ان حبس المدين المعسر هو الوجه الآخر لنص تاجر البندقية الذي يترجم على ارض الواقع في كل مرة يحبس فيها مدين معسر في اروقة المحاكم حين يضحي الحبس أداة انتقام لا أداة للتحصيل .
المحامية مرام مغالسة