0020
0020
previous arrow
next arrow

فريسة العيون الجائعة!

رأيتها في حالة انهيار تام، تتلفت يمنة ويسرة كأنها «فريسة» تطاردها وحوش، لا تصدق أنها نجت أو كادت من أنيابهم، أريد أن أعمل لأعيل أسرتي ونفسي فحسب، قالت، وكلهم يريدون «ثمنا» مقدما لتقديم أي مساعدة، أنا أمام مفترق طرق، إما أن أنهار بالكامل وأستسلم فأخسر نفسي لأكسب رغيف خبز مغمسا بالعار، أو أكابر وأصمد فأموت جوعا أو تحت ذل السؤال، مذ خرجت إلى الدنيا كانوا يحيطون بي، بعيونهم الجائعة، وفحيح رغباتهم المرعب، حتى كدت أظن أنني أعيش في غابة، بل إن الغابة تكاد تكون أكثر رحمة! هل أقول لك أنك أنت وحدك الذي لم يراودني عن نفسي؟ بمن ألوذ في هذا العالم المريع؟

قلت لها.. لوذي بك أنت وحدك، فأنت مسؤولة ولو بصورة جزئية عما أنت فيه! قالت بدهشة: كيف هذا؟! ألا تعلم ما أعاني حتى تقول لي مثل هذا الكلام؟ قلت: أنظري لنفسك، ألا تعلمين أنك الآن في هذه الهيئة الفاتنة، وكأنك تدعينهم لافتراسك؟ ألا تعلمين أن هذه الملابس تقوم مقام ما تستعمله الفراشة مثلا من ألوان زاهية في أجنحتها، من دعوة ذكرها لمشاركتها في الـ «تكاثر» ؟؟ ألا تعلمين أن الملابس مُنتج ثقافي فكري يعبر عن فلسفة وطريقة حياة؟ في بعض مجتمعات الغرب، إذا بلغت الفتاة سنا ما وبقيت عذراء، يجتمع مجلس العائلة للبحث في «المشكلة» العويصة التي تعاني منها ابنتهم، ولهذا يستلهم مصممو الأزياء من ثقافة كهذه افكارهم، فيجتهدون في أن تعرض المرأة كل مفاتنها، كي تغري الذكر بالمشاركة، لأنهم يعيشون ثورة جنسية منذ الستينيات من القرن الماضي، ألغت حاجز العذرية، ولم تحرم العلاقات «الحميمة» قبل الزواج، بل إن مؤسسة الزواج ذاتها غدت الآن في مهب الريح، أما نحن في بلاد الشرق فلا! ولهذا حين نستنسخ أزياءهم على اعتبار أنها «الموضة» الدارجة الآن، يتعين علينا أن نستنسخ أيضا فلسفة الإباحية، ولأننا لسنا إباحيين، تتحول النساء «الكاسيات العاريات!» إلى فرائس يظن الصيادون انهن سهلات المنال، ويفهمون عرض المفاتن كدعوة للصيد!

هل أقول أكثر؟ التحرش مشكلة لم تحل حتى في الغرب المتحرر من قيود العفة، نصف طالبات بريطانيا يتعرضن للتحرش، وأكثر من هذه النسبة في أمريكا، بل إن عقلاءهم يرون أن خطر الثورة الجنسية لا يقل عن القنبلة الذرية!

يقول جورج بالوشي هورفت فى كتابه «الثورة الجنسية» : والآن، وبعد أن كادت أذهاننا تكف عن الخوف من الخطر الذري، ووجود ( عنصر السترونسيوم ـ 90 المشع ) فى عظامنا وعظام أطفالنا ، لايفتقر العالم إلى عناصر بشرية تقلق للأهمية المتزايدة التى يكتسبها الجنس فى حياتنا اليومية وتشعر بالخطر إذ ترى موجة العري وغارات الجنس لا تنقطع، وينشغل هؤلاء الناس انشغالاً جاداً بالقوة الهائلة التى يمكن أن تصل إليها الحاجة الجنسية إذا لم يحدها الخوف من الجحيم، أو الأمراض السارية، والحمل …. وفى رأيهم أن أطناناً من القنابل الجنسية تتفجر كل يوم، ويترتب عليها آثار تدعو إلى القلق، قد لايجعل أطفالنا وحوشاً أخلاقية فحسب بل قد تشوه مجتمعات بأسرها. والحل؟ سألت بحيرة، قلت: الحل بيدك أنت، وفي أيدي بنات جنسك المتطلعات للعفة، الحل يكمن في أن لا تكوني جزءا من «القصف الجنسي» الذي يملأ الأفق؛ إعلانات من كل حجم، وأغلفة مصورة لأفلام سينمائية، صور معروضة فى مداخل علب الليل، وآلاف من الفتيات والنساء يرتدين ثياباً كان يمكن ان توصف بقلة الحشمة منذ أمد قريب!!